لقد أكرمَنا الله سبحانه وتعالى بدين شامل كامل بيَّن لنا فيه كل شيء ووضح لنا فيه كل أمر، وجاءت شريعة الله سبحانه وتعالى تبياناً لكل شيء وتفصيلاً لكل الأحكام والقضايا.
ولم يترك الله سبحانه وتعالى لنا شيئاً إلا وضحه خير توضيح وبينه كل بيان يقول الله تبارك وتعالى ” وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ” النحل: 89، ويقول ” وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ” الإسراء: 12، ويقول ” مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ” الأنعام: 38. إن رسولنا صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أنزل الله سبحانه وتعالى عليه ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ” المائدة: 3. فالدين تام كامل وعام شامل ليس فيه نقص ولا خلل وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترك شيئاً من الدين فيسكت عنه أو يذهل فإنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم” إنه ما من نبي قبلي إلا وأعلم أمته خير ما يعلمه لهم وأنذرهم شر ما يعلمه لهم ” ويقول عليه الصلاة والسلام ” تركتكم على المحجة البيضاء ليها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك”.
إن الدين ليس مقصوراً على العبادات فقط وإنما هو دين كامل فيه العبادات والمعاملات والعقائد والأحكام والسياسة والاقتصاد والسيرة والأخلاق وكل شيء موجود في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيجب على المسلم الموحد لله المستسلم له حقاً أن يذعن لله في كل شيء ويطيعه في كل أمر ويكون عبداً حقيقياً لله في جميع الأوامر والنواهي وفي كل الأمور والقضايا ” قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ” الزمر: 11 _ 14، وقال سبحانه: ” قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ” الأنعام: 162، 163.