جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فَسِيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها” رواه البخاري. ما أحسن هذا التفاؤل في هذا النص النبوي الشريف! إنه نور سطع من مشكاة النبوة ليضيء للناس طريق الفجر في حالك الظُلَم. أشرق بضيائه مرشداً الناسَ إلى استغلال فرصة الحياة ولو في آخر لحظاتها لتُستثمر فيما ينفع الأحياء، وإن لم يدرك الغارس ثمرة غرسه. إن هذا النص الكريم، والبيان النبوي العظيم أشرق على الحياة ليقول لأهلها: إن الإسلام دين إعمار وبناء، وعمل ونماء، لا يؤمن بالقعود والكسل والفتور والانتظار، إنه دين يضخ دماء الأمل في شرايين الإنسان المشرف على نهاية الحياة، فكيف بمن لازال في عنفوان الحياة، وناصية العيش، وهو كذلك دين يبث التفاؤل في وجه الإنسان رغم ما يعترض طريقه من أعاصير الآلام الهوجاء. هنا يحق لنا أن نفخر بديننا كل الفخر، ونسعى أن نكون ممتثلين له في واقع الحياة مهما تدثرت الدنيا بأسمال الكربات والمصائب، ونربأ بنفوسنا أن يكون مفارقو ديننا أحسنَ حالاً منا في التفاؤل والأمل. إن خيار اليأس والقعود عن العمل النافع دينًا ودنيا خيار لا يرضى به عاقل مسلم وهو يقرأ حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينفخ روح الأمل والتفاؤل في نفوس أصحابه رضي الله عنهم وهم جميعًا في أشد الظروف ضراوة وبلاء، حتى يجعل من المحنة منحة، ومن البلاء نافذة متسعة يرى منها أيام النعماء الرخية. أيها المسلم، اغرسْ فسائلَ العزم في داخلك، وروح المثابرة في حياتك، وتحرك لفعل ما يفيد، وانتصر على غموم الواقع ومشكلاته، وأملأ الفراغ حتى لا يشغلك الفراغ بالهم والغم، فقد قال الله تعالى: ” فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ” الشرح: 7. وفي قوله: ” فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ” حل لمشكلة الفراغ التي شغلت العالم حيث لم تترك للمسلم فراغًا في وقته؛ لأنه إما في عمل للدنيا وإما في عمل للآخرة”.
من موقع وزارة الشؤون الدينية