اعلموا أن طريق السعادة الذي رسمه القرآن الكريم طريقٌ واحد هو الإحسان؛ الإحسان في كل شيء؛ لأن الإحسان سببٌ لمحبة الله، وعطاء الله، ورضوان الله، وسبب لسعادة القلب، ورضا النفس، وراحة الضمير، ومحبة الخلق؛ قال الله تعالى: ” وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ” البقرة: 195، وقال الله تعالى ” وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ” آل عمران: 133، 134، حان الوقت لتمتلئ القلوب بالإيمان، وحب الطاعة والإحسان، فمَن لم يَتُبْ الآن، فمتى يتوب؟ ومَن لا يُحسن الآن، فمتى يحسن؟. إذا أحسن العبد منَّا نيته وعمله وقوله، أحبه الله، وإذا أحبه الله، أعطاه ما يتمناه، ويمكننا القول: إن غاية وجودنا واختبارنا في هذه الحياة هو الإحسان؛ قال الله تعالى ” تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ “.
فالإحسان يعني: أن تكون محسنًا في كل شيء في قولك وعملك، ونيتك وإيمانك، ومحبتك وتعظيمك لله وللدار الآخرة، أن تُحسِنَ في عبادتك، فتكون خالصة لله، صحيحة على الوجه الذي يُرضي الله، أن تحسن في أخلاقك وآدابك ومعاملاتك مع الناس، أن تحسن إلى والديك، إلى زوجتك وأولادك، وأهلك وأرحامك، أن تحسن إلى جيرانك وأصدقائك وزملائك، أن تحسن في عملك ومهنتك ودراستك لتنفع الناس، أن تحسن في هيئتك ومنظرك، أن تحسن في تفكيرك ونيتك وعزيمتك، أن تحسن إلى الفقراء والمحتاجين، واليتامي والمساكين، أن تحسن إلى المرضى بزيارتهم، وإلى أهل المقابر بتذكرهم والدعاء لهم، أن تحسن إلى نفسك، فتُزكِّيها وتهذِّبها وتمنعها من المعاصي والأذى، فإن فعلت ذلك، وجدتَ إحسان الله إليك من كل جانب ومن كل اتجاه؛ قال الله تعالى ” هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ” الرحمن: 60، فمن أحسن، أحسن الله إليه، ورضيَ عنه، فليس جزاء الإحسان من العبد إلا الإحسان من الرب جل وعلا. ومهما كان هذا الإحسان قليلًا، فإنه لن يضيعَ عند الله تعالى؛ قال الله تعالى ” فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ” الزلزلة: 7، 8.
الكاتب أنور النبراوي