تم، سهرة السبت إلى الأحد، بقاعة “الدوم” بالمركز التجاري “بارك مول” بسطيف، تقديم العرض الشرفي للفيلم الثوري القصير “الطيارة الصفراء” للمخرجة الجزائرية هاجر سباطة، وذلك في حفل افتتاح الطبعة الخامسة للأيام السينمائية الدولية (4 – 7 ماي).
وحضرت العرض الشرفي للفيلم القصير الثوري “الطيارة الصفراء”، سلطات الولاية وجمهور من محبي الفن السابع ووجوه سينمائية وفنية وناشطون في مجال الصناعة السينماتوغرافية من 10 دول مشاركة في الأيام السينمائية الدولية لسطيف على غرار الجزائر وتونس والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وسوريا وفلسطين ولبنان وقبرص ومصر وإيران وسلطنة عمان.
في 40 دقيقة، نرصد رحلة “جميلة” للكشف عن الحقيقة، حقيقة اغتيال أخيها مصطفى من طرف الجيش الفرنسي. وجميلة اسم لم يكن عشوائيا بل له رمزية يدركها كل الجزائريين، كيف لا وهي اسم أيقونة الثورة الجزائرية جميلة بوحيرد. بارتباك بريء وعيون سئمت البكاء، تعيش البطلة صراعا بين حزنها على أخيها وتعاطفها مع والدها المتهم في عملية تصفية ابنه، لأنه كان يريده أن يخلفه في صفوف الشرطة الاستعمارية.
رحلة الانتقام التي تخوضها جميلة ستقودها لانتقام أكبر هو الانتقام للوطن الجريح، وأمام الوطن تنحني المنايا وتصغر المصائب، وتأخذ القصة منعطفا دراميا حين تقرر هذه الأخيرة أن تنضم إلى صفوف الثورة. هذا العمل الثوري يكرم المرأة المناضلة ويضعها في إطارها الحقيقي إطار المساواة في الوطن.
“الطيارة الصفراء” التي ترمز في الفيلم للاستعمار، هي في الواقع قصة واقعية، وإن اختلفت في تفاصيلها عن السيناريو المقتبس منها، خلدتها أغنية ثورية من التراث الشعبي كتبتها وأنشدتها امرأة كفيفة من سكان منطقة برج الغدير، في ولاية برج بوعريريج، اسمها عائشة لعبايدية، وترثي فيها أخاها إبراهيم بكلمات تدمي الصخر، فلخنساء صخرها ولعائشة إبراهيمها.
إبراهيم الشاب الذي لم يتوان ثانية واحدة في الانخراط في الثورة التحريرية المجيدة عام 1956، وسقط شهيدا في 1959 تحت قصف الطيارة الصفراء المعروفة آنذاك باسم تي سيس… وحين بلغ نبأ سقوطه مسامع عائشة رثته بكلمات تقول: “الطيارة الصفراء، حبسي ما تضربيش، عندي راس خوي لميمة ما تضنيش، الله الله ربي رحيم الشهداء، اسي يا اسي يما اسي ما تبكيش، نسعى راس خويا الميمة ماتظنيش والميمة ماتظنيش ..نطلع للجبل نموت نموت. وما نرنديش نموت وما نرنديش ..الله الله ربي رحيم الشهداء رحيم الشهداء”.
وأكدت المخرجة، هاجر سباطة لـ “وأج” على هامش العرض الشرفي لفيلمها القصير، بأن “الطيارة الصفراء” الذي يتزامن عرضه مع الذكرى 79 لمجازر 8 ماي 1945 يمجد تاريخ الثورة الجزائرية وخصوصا المرأة الجزائرية من خلال سرد حكايات وأحداث حول تضحيات ونضال امرأة جزائرية.
وقالت المخرجة بأنها قد حاولت من خلال هذا العمل السينمائي “تكريم جميع النساء الجزائريات”، مؤكدة أن “النساء الجزائريات ضحين بالنفس والنفيس وكن مثالا للشجاعة إبان الثورة التحريرية وأقل شيء يمكن أن نقدمه لهن هو إحياء ذاكرتهن والحفاظ عليها وإيصالها للأجيال”. كما أبدت فخرها كونها “أول مخرجة جزائرية تقوم بإخراج عمل سينمائي ثوري”.
وأضافت المتحدثة في نفس السياق بأن السينما تروي بطريقة ما تاريخ وذاكرة الأجيال والأمم وتلعب دورا “محوريا” في إيصال أي رسالة إلى الرأي العام، داعية بالمناسبة المخرجين والناشطين في مجال الصناعة السينماتوغرافية إلى “الحفاظ على الذاكرة من خلال سيناريوهات تتناول القضايا الوطنية والثورية لتأثيرها القوي على المشاهد”.
وثمنت المخرجة هاجر سباطة في الأخير مبادرة تنظيم الأيام السينمائية الدولية بسطيف، مشيرة إلى أنها “فرصة لإيصال الرسائل الهادفة والإنسانية للمجتمع”.
وعرف افتتاح هذه التظاهرة الثقافية والفنية تكريم المخرجة هاجر سباطة، بالإضافة إلى العديد من الوجوه السينمائية والمخرجين الحاضرين وضيوف الشرف من بينهم ميريام عطا الله من سوريا وحسان كشاش وفيزية تقرتي وفوزي بن براهم وهشام مصباح والمخرج علي عيساوي وسمير الحكيم من الجزائر وغيرهم.
ق\ث