قال باحثون إن 68% من الأمهات في العصر الحالي يعانين من التآكل النفسي الناتج عن ضغوط وتحديات تربية الأبناء، بما يؤثر على الصحة العقلية والنفسية ويؤدي إلى الإصابة بالقلق والاكتئاب.
اصطلح الباحثون على تسمية “متلازمة الأم المستنفدة” كل أم تعاني من الإرهاق الجسمي والعقلي والعاطفي عند تقديمها كل جهدها وطاقتها لأطفالها وأسرتها، وبمقابل ذلك تهمل احتياجاتها واهتماماتها الشخصية، فتذوب شخصيتها وذاتها في سبيل أسرتها معتقدة أن هذا هو واجبها وأنها هكذا ستكون الأم المثالية.
ويُذكر أن مصطلح “الأم المستنفدة” ظهر أول مرة في كتاب “الطبيعة الأم” للمؤلفين جان هانسون وريكي بوليكوف ضمن مجموعة من التحديات التي تواجهها الأمهات وتجعلهن يشعرن بفقدان الشغف والدافع للقيام بمهامهن.
“لم يعد هناك ما يُعطى”
ذكر موقع “بيرانتس” أن المستشارة النفسية، ماريسا مور عرّفت “متلازمة الأم المستنفدة” بأنه “ذلك الشعور بأنكِ فقدت كل طاقتكِ، حيث أنك بذلت كل ما في وسعكِ لتلبية القدر الأكبر من احتياجات أطفالك ومنحهم كل الفرص الممكنة وتلبية التوقعات التي يفرضها المجتمع، وترغبين في إعطاء المزيد حتى لم يعد هناك ما يتبقى لك”.
وتضيف المختصة النفسية مُخاطبة الأم أنه “قد يتسلل إليكِ هذا الشعور فجأة وتدركين أن الأشياء التي كانت تجلب لكِ السعادة في الماضي أصبحت أشبه بالالتزامات وأنكِ منهكة إلى حد يتجاوز التعب الطبيعي بغض النظر عن مقدار الراحة الذي تحصلين عليه”.
بين مشاعر الغضب والإحساس بالذنب
من جهته، تناول موقع “موذر آند بيبي” موضوع “الأم المستنفدة”، وذكر في المقال المنشور أن الأمهات المنهكات يعانين من بعض المشاعر السلبية مثل الشعور بالذنب وعدم الكفاءة، أو أنهن لسن مؤهلات لأن يصبحن أمهات، وأن أطفالهن يستحقون أمهات أفضل، ولا سيما مع تمجيد المجتمع لنموذج الأم الخارقة.
فتتداخل في أنفسهن مشاعر الغضب والإحباط والاستياء، وتتضاعف المخاوف بشأن أسلوب تربية الأبناء ومستقبلهم.
التأثير على الزوج والأسرة
تتأثر أسرة الأم التي تعاني من متلازمة “الأم المستنفدة” بشكل مباشر، حيث تتغير تصرفاتها ونفسيتها فتصبح سواء منعزلة أو كثيرة الصراخ، كما ستصبح علاقتها مع الزوج أكثر توترا، وتكثر الخلافات والصراعات الزوجية نتيجة التقلبات المزاجية للزوجة وعدم التحكم في مشاعرها، خاصة إذا كانت تعتقد أن زوجها لا يشاركها المسؤوليات بالقدر الكافي.
المحيط الخارجي ودوره في العلاج
ذكر موقع “مام ويل” عن المؤلفة المشاركة لكتاب “الإرهاق.. السر في إكمال دائرة التوتر” إميليا ناغوسكي، أنه ينبغي على الأم أن تحيط نفسها بمنظومة دعم من الأشخاص الذين يهتمون بسلامتها، ويمكن لهؤلاء الأشخاص أن يشاركوا في حمايتها من تلك الرسائل الخارجية السلبية، كما يُمكنهم تشجيعها على النوم وتناول الطعام الصحي وتخصيص وقت لها.
وتؤكد المؤلفة على وجوب الاستماع إلى القيم الخاصة بقولها: “هناك طريقة أخرى وهي أن نبدأ بالاستماع إلى قيمنا الخاصة، إذ أنه غالبا ما نجد أنفسنا نتبع نصائح أو فلسفات تربية الأبناء التي يتبعها الآخرون، معتقدين أن هذه هي الطريقة الصحيحة، ولكن من المهم أن نتراجع خطوة إلى الوراء ونفكر في قيمنا وليس ما يناسب الآخرين”.
كيف يمكن استكمال دائرة التوتر؟
يقترح المستشارون النفسيون بعض التقنيات التي تساعد الأم في استكمال دورة الاستجابة للتوتر والتغلب على التعب المزمن، ومنها:
ممارسة الرياضة: يمكن أن تساعد في تحسين مزاجك وإفراز الأندورفين، وهو هرمون الشعور بالسعادة، ويمكنك ممارسة أي نشاط يتيح لجسمك فرصة التحرك.
التعبير الإبداعي عن الذات: لا يستلزم ذلك أن تكوني فنانة، ويمكنك التلوين في كتب التلوين الخاصة بأطفالك أو شراء مجموعة من الألوان المائية والفرش والتعبير بها وربما تستمتعين بالحياكة أو أشغال التريكو، فالفنون بجميع أشكالها تمنحك الفرصة للتسامح مع مشاعرك والتحرك من خلالها.
العناق: التلامس الجسدي وسيلة مريحة لتخفيف التوتر، يمكنك احتضان زوجك أو طفلك أو حيوانك الأليف لمدة 20 ثانية على الأقل، إذ أظهرت الأبحاث أن العناق لمدة هذا القدر من الوقت يساعد الجسم على إفراز هرمون الحب ويساعد في إبلاغ جسمك بأن الخطر لم يعد موجودا.
الضحك: لا يعد الضحك مجرد وسيلة لتفريغ المشاعر، بل إنه يؤثر على الجسم بشكل إيجابي أيضا.
البكاء: يعتبر البكاء استجابة طبيعية للغاية وطريقة صحية للتخلص من التوتر وإكمال الدورة والشعور بالارتياح من ثقل ما جعلكِ تبكين.
التنفس العميق: يعمل على تنظيم استجابة الجسم للتوتر.
ونحن نزيد على كلام علماء النفس للاستقرار النفسي والتخلص من التوتر وضغوط الحياة علينا ألا ننسى ذكر الله” الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب” (الرعد 28-29) فمع كل ما ذكر سابقا عليك سيدتي الأم الفاضلة المداومة على الأذكار والأدعية المأثورة عن رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه
وسلم.
ق. م