أخذ الأمير عبد القادر منذ لحظة مبايعته بالإمارة ببذل جهود جبارة لإعادة تنظيم الجيش ووضعه في مصاف الجيوش المعاصرة له في الدول العظمى. فقسمه إلى ثلاث فرق – أو أسلحة – وهي “المشاة والخيالة والمدفعية” ووحد زيه – لباسه – وأصدر القوانين العسكرية التي يجب على الجندي التمسك بها، مع تحديد العقوبات الصارمة والرادعة على المخالفات والأخطاء المرتكبة. ووضع سلم التسلسل العسكري. لم يتجاوز عدد أفراد الجيش الإسلامي في عهد الأمير عبد القادر 16 ألف مقاتل، في صفوف الأسلحة الثلاثة، وكانت أعباء الجهاد أكبر من حجم هذا الجيش النظامي. ولهذا فقد اعتمد الأمير عبد القادر على “مجاهدي القبائل” الذين بلغ عددهم في بعض الأحيان 150 ألف مجاهد. وقسمت الوحدات الأساسية في الجيش النظامي إلى “كتائب” تضم الكتيبة منها “مائة جندي” أما الوحدة الأساسية في الفرسان فكانت السرية، وهي تضم 50 رجلا. وبقي المدفع هو وحدة الرمي، ويبلغ عدد سدنة المدفع 12 جندا. عندما بدأ الأمير عبد القادر في تكوين جيشه النظامي، وضع مجموعة من الأوامر التنظيمية العسكرية، تتضمن أدق التفاصيل المتعلقة بالانضباط والرواتب وملابس الجند. وكانت هذه الأوامر التنظيمية تقرأ مرتين في الشهر على مختلف الوحدات، وكانت تتخللها الوصايا والوعود للسلوك الطيب. ويكفي هنا التعرض لتوجيه يعتبر نموذجا لتلك الوصايا وفيه ما يلي: “من الضروري أن يكون القائد شخصيا شجاعا ومقداما، وأن يكون من أسرة محترمة، ليس محلا للانتقاد الأخلاقي، محافظا على دينه، صبورا، حليما، حذرا، حاضر البديهة، ذكيا في لحظة العسر والخطر، ذلك أن القائد بالنسبة لجنوده هو بمنزلة القلب من الجسد، فإذا كان القلب عليلا فلا فائدة من الجسد”.
من كتاب – جهاد شعب الجزائر-