إن الأمل هو حُسن ظن العباد بربهم، ونور الحياة، وخلق يؤسس به الشباب مستقبلهم، ويبنون به مجدهم، ويرفعون به رايتهم، وهو قوة دافعة تشرح الصدور، وتنير القلوب، وتنشط الأبدان، وتعلى الهمم. والأمل يعين الناس على مشقات الحياة: يدفع الزارع للزرع أملًا في الحصاد، ويغري التاجر للمخاطرة بماله أملًا في الربح، ويحفز المتعلم إلى الصبر في طلب العلم أملًا في النجاح، ويتجرع المريض مرَّ الدواء أملًا في السلامة والعافية، فلولا الأمل ما زرع زارع، ولا تاجر متاجر، ولا تعلم متعلم، ولا تجرع مريض دواء.
الأمل في قصص القرآن: في قصة إِبراهيم عليه السلام لما بشرته الملائكة المكرمون بغلام، عجِب من بشارتهم وقد تخطى سن الأَمل إِلى شيخوخة اليأْس، فطمأَنوه قائلين “قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ” الحجر: 55، 56. وفي قصة يعقوب عليه السلام اشتد أملُه في العثور على يوسف بعدما فقد ابنه الثاني، ولم يذهب عنه الأمل، وكلَّف أبناءه في البحث عن يوسف وأخيه، قال تعالى ” يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ” يوسف: 87، فكانت عاقبة صبره وأمله أن زال كربه، وفُرِّج همُّه، ورُدَّ إليه بصرُه، وعاد يوسف وأخوه. ولما أمر موسى عليه السلام قومه بالاستعانة بالله والصبر على ظلم فرعون، ثم بث في نفوسهم الأمل، قال تعالى “اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ” الأعراف: 128. والأمل الذي كان يبثه صلى الله عليه وسلم بمعية الله تعالى وعونه ونصره وتأييده؛ ليطمئن أبا بكر؛ قال تعالى: ” لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ” التوبة: 40.
الأمل في الأحاديث النبوية: الأمل كان سمة النبي صلى الله عليه وسلم يبثه صلى الله عليه وسلم في كل أحواله وبلا استثناء، يؤمل أصحابه وأمته بحصول المقصود من العطاء، والنصر، والتمكين، والأمن والأمان، وأنَّ المستقبل للإسلام، ويوسع أملهم بقبول أعمالهم وفوزهم بالجنة. قال:رسول الله صلى الله عليه وسلم “فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ” البخاري. وفتح الله تعالى باب الأمل والرجاء والثقة بعفوه عن التائبين بعد الزلل والوقوع في المعاصي، وأزال من نفوسهم اليأس والقنوط، عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا” مسلم. إننا في أمسِّ الحاجة للتفاؤل وبث رُوح الأمل بين الناس، ومحاربة اليأس والتشاؤم. المؤمن في كل أحواله صاحب أمل كبير في رُوح الله وفرجه ومعيته.
من موقع الالوكة الإسلامي