كثير من أعمال الدراما النفسية شقت طريقها إلى المشاهد العربي، على غرار مسلسل “الحجرة” الذي يتكون من 13 حلقة ويصنف كدراما نفسية، وتدور أحداثه حول طبيب الأسنان “مراد” الذي يعاني مرض تعدد الشخصيات بعد تعرضه لضغوط بالماضي قلبت حياته، بدءاً من فقد ابنه الوحيد في حادثة أليمة، فيقرر بمساعدة شخصيته المزدوجة “واهم” الانتقام على طريقته ليحقق العدل من منظوره الخاص.
مسلسل “الحجرة” السوري من بطولة الفنانين محمد الأحمد ووسام فارس وعمار شلق ونور علي وريم خوري وهادي بوعياش، وكتابة زهير الملا، وإخراج فادي وفائي.
بطل العمل الممثل السوري محمد الأحمد قال إن المسلسل يندرج تحت قائمة الدراما النفسية التشويقية، لكنه لا يتعرض للمرض بشكل مباشر حتى لا يذهب في اتجاه نفسي طبي بحت، مضيفاً “نوعية الدراما التشويقية النفسية مثيرة جداً للمشاهد ومفيدة في الوقت نفسه لأنها تناقش قضايا حساسة ودفينة لا نكتشفها بسهولة ولا نراها بوضوح على رغم تأثيرها الكبير في المجتمع”.
المسلسل المصري “الليلة واللي فيها” لزينة ومحمد شاهين تناول أيضاً بعض الأمراض النفسية، وجسدت فيه الفنانة المصرية شخصية زوجة تعيش في معاناة بسبب ميول “جنسية مازوخية” لديها تجعلها تشعر بالتعاسة في حياتها الزوجية، وكشفت الأحداث أن هذه الميول بسبب عقدة في الطفولة.
وألقى المسلسل المصري “مين قال”، الذي عرض في 15 حلقة من بطولة جمال سليمان ونادين وأحمد داش، الضوء على عدد من الاضطرابات النفسية مثل الرهاب الاجتماعي ونوبات الهلع والاندفاع العاطفي والتلعثم وقلة الثقة بالنفس والصورة المعتلة المشوهة.
وقدمت منى زكي في مسلسل “لعبة نيوتن” دوراً يعكس أمراضاً واختلالات نفسية مثل فوبيا الأماكن المغلقة وفوبيا الكلاب، واضطراب القلق الذي تنتج منه أحياناً نوبات هلع في ظل الخوف المستمر من المجهول والمستقبل، وهو ما يجعلها بالتبعية شخصية ضعيفة تميل إلى الاعتمادية.
وجسدت الفنانة المصرية يسرا في مسلسل “فوق مستوى الشبهات” دور أستاذة جامعية تعاني مرض الفصام، وتسبب ذلك في جعلها امرأة رائعة في الظاهر، بينما تخفي وجهاً آخر شديد القبح والوحشية.
وفي مسلسل “أحلام سعيدة” تم التطرق إلى بعض الأمراض النفسية مثل الهلاوس السمعية والبصرية التي أصيبت بها شخصية يسرا، واضطرابات النوم ونوبات الهلع العديدة التي هاجمت شخصية غادة عادل، وطرح المسلسل فكرة العلاج الجماعي كإجراء فعال في الشفاء.
وتعرّض المسلسل المصري “في كل أسبوع يوم جمعة” إلى عدد من الأمراض النفسية، وجسد آسر ياسين شخصية شاب يعاني مرض التوحد، أما منة شلبي فقامت بدور فتاة تعاني مشكلات نفسية دفعتها هي وآسر إلى ارتكاب عدد من جرائم القتل.
وفي مسلسل “سقوط حر” لعبت الفنانة المصرية نيللي كريم شخصية مريضة نفسية تدخل إلى مستشفى الأمراض العقلية، وتقابل هناك عدداً كبيراً من الشخصيات والمرضى الذين يحملون قصصاً وحكايات وأمراضا مختلفة.
وقدمت غادة عبد الرازق عدداً من الأمراض النفسية في بعض مسلسلاتها مثل الفصام في مسلسل “حكاية حياة”، وبمسلسل “الخانكة” قدمت دور أم تصاب بأمراض نفسية بسبب كوابيس تطاردها حول وفاة ابنها الذي قتلته بيدها وفقدت الذاكرة بسبب شدة الألم النفسي الذي تعرضت له بعد أن قتلته.
وينتظر قريباً عرض المسلسل المصري “السفاح” لأحمد فهمي وركين سعد وصلاح عبد الله وإخراج هادي الباجوري، وكشف مؤلف المسلسل محمد صلاح العزب عن أنه مأخوذ عن قصة حقيقية وهي سفاح الجيزة، وهو قاتل لكنه بالأساس مريض نفسي يعاني خللاً كبيراً جعله يؤذي نفسه ويقتل الآخرين حتى أقرب الناس له من دون أسباب معروفة.
ولفت إلى أنه “للأسف الأمراض النفسية والاضطرابات غير الظاهرة تدمر المجتمع وقد تكون وراء أبشع جرائم القتل، لذلك من الضروري أن نطرح تلك القضايا عبر الفن والدراما لأن كثيرين يهملون خطورة المرض النفسي في المجتمع، ولا يرون أنه من أهم مشكلات الناس والأخطر أنها مسكوت عنها وغير معلنة”.
وقال الاختصاصي المصري في الطب النفسي نبيل القط، “إن الدراما قد تشارك بالفعل في حل بعض المشكلات النفسية، والتعرض لأمراض عبر الشاشة يصعب شرحها نظرياً، وقد تسهم الدراما في الوصول إلى فهم صحيح لبعض العوارض والأمراض، وهذا قد يكون علاجاً بالدراما”.
وبالفعل ساعدت الدراما فيما مضى في حل بعض المشكلات النفسية وشاهد قطاع كبير من الناس أعمالاً درامية استفادوا منها وأسهمت في علاجهم، ومنها مسلسل “تحت السيطرة” الذي قدمه المخرج تامر محسن وبطولة نيللي كريم ومحمد فراج، وأسهم العمل في فهم الإدمان وتفاصيله وتوابعه وكثير من المدمنين تجاوزوا أزمتهم وعولجوا بعد المسلسل، إضافة إلى أن عائلاتهم فهموا كيفية التعامل مع المدمن، بحسب ما ذكره الاختصاصي المصري في الطب النفسي.