الأمة الصالحة

الأمة الصالحة

 

إن الأمة الإسلامية الصالحة هي الأمة التي يكون تجمُّعها والْتِئامها وترابطها على أساس الإيمان بالله سبحانه وتعالى ورسالاته، والعمل وفق محبَّته ورضوانه، فتكون بذلك علاقة أفرادها قائمةً على أساس الأُخوَّة في الله، وما تقتضيه هذه الأخوة من التراحم والتعاطف والتعاون والنُّصرة والموالاة، ويكون تعاملها مع غيرها من أمم الأرض قائمًا على أساسٍ من هذه العقيدة أيضًا، فهي داعية للناس جميعًا أن يكونوا إخوة في رحاب الإسلام، وهي تُعادي في سبيل عقيدتها وتُحارِب في سبيلها، وتُسالم وتُصالِح وتُعاهِد وتُهادِن وفق هذه العقيدة أيضًا، ومصالِحها الدنيوية لإيمانها ودينها. والفرد الصالح لَبِنة في هذا المجتمع وعضو في هذه الأمة، يؤمن بالله سبحانه وتعالى ويُسخِّر حياته كلها من أجل دينه؛ كما قال سبحانه وتعالى ” إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ” الأنعام: 162، 163، وهو مع جَعْله حياتَه لله ومماته لله يحب الخير للناس جميعًا، ويَحمِل الهداية للناس كافَّة، ولا يدَّخر وسعًا في إسعاد الآخَرين من قضاء حقوق العباد التي ألزمه الله سبحانه وتعالى بها، فهو بارٌّ بوالدَيه، واصلٌ لأرحامه، نافع لجيرانه، مُتعاوِن مع إخوانه.

ولقد كان أول أسباب الفشَل والضياع الذي أصاب أمَّتنا وشتَّت شَملها هو ضَياع الهدف والغاية التي مِن أجلها برَزت هذه الأمة إلى الوجود، وكانت خيرَ أمة أُخرِجت للناس، فالأمة الإسلامية أمة العقيدة، أمة الدعوة، أو أمَّة الإيمان، والرابطة التي جمعَت هذه الأمة ليست فكرةً أرضية بَشريَّة، ولكنها كلمة إلهية ربانية، إنها كلمة: “لا إله إلا الله، محمد رسول الله”، كلمة تملأ القلوب والوجدان، وتغذي الفكر والعاطفة، وهي تَعني باختصار: أن الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون ومُدبِّره، وأنه الإله الواحد الذي يجب على جميع الخلائق توحيدُه وعبادته، والخضوع لسلطانه وتشريعه، والسعيُ لبلوغ مرضاته ورضوانه، وأن كل ما يُعبد من دونه باطل، وأن مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم هو المختار المصطفى للدلالة على هذا الرب العظيم، ودعوة الناس جميعًا إلى مرضاته، وتحذير العالمين من معصيته، وعلى أساس هذه الكلمة اجتمع الأسود والأحمر، والعربي والأعجمي.