بات الكثير من مجتمعات اليوم يعاني من إشكاليات التفكك العائلي والاجتماعي، بسبب المساوئ الناجمة عن ضعف آليات التربية للأبناء داخل الأسرة، وغياب الدور الاجتماعي، والتربية الدينية المتوخاة، في تحصين أفراد الأسرة، ضد موبقات الانحلال الأخلاقي، والانحراف عن صراط الله المستقيم، الأمر الذي انعكست تداعيات كل عوامله تلك سلبًا على تماسك الأسرة، وعلى درجة تمسُّكها بقيم الإسلام الرفيعة، بالإضافة إلى انعكاساتها الضارة، على تماسك المجتمع الذي لن يكون رشيدًا صالحًا إلا في ظل التنشئة على هدي كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
ولعل تداعيات العصرنة الصاخبة، بما أفرزته من وسائل الاتصال الرقمي على كل إيجابياتها، وانغماس الجيل آباء وأبناء في فضائها، وما تركته من عزلة بين أفراد العائلة، وداخل أفراد الوسط الاجتماعي العام، قد عمَّق حالة التفكك، ووسع الفجوة بين الناس، وألغى ترادف الأجيال بين الناشئة والآباء؛ مما خفَّف مِن أَلَقِ التفاعل بالحضور، وأضعَف العلاقة الحميمة التقليدية بين أفراد الأسرة ببعضهم البعض، وبين أفراد المجتمع من جهة أخرى، ومن أسباب ذلك التنشئة الخاطئة، وغياب دور بعض الآباء والأمهات في الإشراف العملي المباشر على تربية الأبناء، وعدم مراقبة سلوكياتهم، وتقييم تطابقها مع معايير الصلاح، والتصرف الرشيد.
ولذلك يتطلب الأمر الحرص على تقوية الوازع الأخلاقي، وتقوية الوازع الديني لدى أفراد الأسرة ابتداءً بقصد التحصين، تمشيًا مع قاعدة: “مثلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، وذلك لغرض النأي بهم عن مسارات التسيب والانحلال التي قد يتيهون في مساربها من خلال التسيب، والانغماس في مواقع التواصل الرقمي الضارة، وبالشكل الذي يضمن وحدة الأسرة، ويعزز تماسك المجتمع، ويُديم أواصر التواصل الاجتماعي الحقيقي المباشر وجهًا لوجه، ويحد من ظاهرة العزلة والانحدار الأخلاقي، وذلك من خلال اعتماد نهج المسؤولية الجمعية في التربية الإسلامية للأسرة، تمشيًا مع التوجيه النبوي الكريم: “أَلا كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ”.