الأسرة … أساس المجتمع

الأسرة … أساس المجتمع

اهتم الإسلام اهتمامًا عظيمًا بصلاح البيوت؛ لأن الأسرة هي الدِّعامة الأساسية في صرح الأمة، واللبنة الأولى في تكوين المجتمع، فعلى قدر ما تكون اللبنة قويةً يكون البناء راسخًا منيعًا، وكلما كانت ضعيفة كان البناء واهيًا، آيلاً للانهيار والتصدع. فالبيت المسلم.. هو المدرسة الأولى التي يتخرج منها الأعضاءُ الفاعلون في المجتمع.. وموقع الأسرة من المجتمع كموقع القلب من الجسد، فصلاح المجتمع من صلاح الأسرة، وفساد المجتمع من فساد الأسرة..لذلك لما كان هذا هو شأن الأسرة.. صبَّ إبليسُ اللعينُ جُلَّ اهتمامِه للنَّيلِ منها وتمزيقِها، فكان من أعظم أولويَّات إبليس في هذه الدنيا أن يحطم قواعد البيت المسلم، فيزيل المودة والرحمة من بين أفراد الأسرة، ويبث بينهم العداوة والبغضاء؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ” رواه مسلم.

الأسرة في الإسلام بناءٌ متين الأساس، مترابط الأركان، أصله ثابت، وفرعه في السماء، يؤسس هذا البناء على تقوى من الله، واتباع لشريعته سبحانه، بالزواج الشرعي الذي هو الطريقة السوية المشروعة لتكوين الأسرة، تلك الطريقة التي تليق بكرامة الإنسان، وتتوافق مع فطرته السليمة..الزواج.. ميثاق غليظ.. وعهد متين.. بين رجل وامرأة، يدعى به كل منهما زوجًا، بعد أن كان فردًا..وقد وضع الشرع أسسًا ومعايير يبنى عليها اختيار الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها، قال الله تعالى: “وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ” النور: 32. فإذا تم الزواج.. فلتكن الحياة قائمة على السكينة والمودة والرحمة، فلهذا أصلًا شرع الزواج، قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا” الروم: 21. فإذا رزق الزوجان بالولد، فلتكن تربيته محافظة على الفطرة والعقيدة الصحيحة التي يولد عليها كل مولود، فيرسخ الوالدان توحيد الله عز وجل في قلبه، ومراقبة الله عز وجل وتقواه في كل حال.

الدكتور مسلم اليوسف