أكد الدكتور محمد لحسن الزغيد الباحث في التأريخ بأن قضية أرشيف الثورة التحريرية كان من بين مطالب الجزائر منذ الاستقلال وهو ما تم الاتفاق عليه في مفاوضات ” إيفيان” لأن القانون الدولي ببساطة ينص على أن: المحتل بعد حدوث السلم وخروجه يجب أن يعطي ما أخذه من أرشيف مادي ومكتوب ومنقول لأصحابه الأصليين وهو ما لم تقم به فرنسا لحد اليوم.
وقال ضيف منتدى ” الموعد اليومي” بأن الجزائر من حقها أن تسترجع ما تعلق بثورتها المجيدة بالرغم من أن فرنسا حاولت في الثمانينات سن قانون اطلق عليه اسم ” القانون المئوي” والذي يتضمن كل الأسرار الخاصة بالفرنسيين وبالتالي هي اليوم بحسبه ما تزال تفكر بعقلية استعمارية واستعلائية وتخطط للعودة إلى عهدها السابق بكل الوسائل المتاحة وهو ما أعلنته صراحة.
وأوضح المتحدث بأن فرنسا الاستعمارية ” تساوم” الجزائر في قضية ” جماجم الشهداء” وأبطال الثورة فكيف تعطي الأرشيف وهي التي تؤمن بأن الاستعمار ظاهرة ” حضارية” وليس ظاهرة عدوة للإنسانية.
كما أوضح المتحدث بأنه يجب أن يعي الجميع بأن فرنسا ليست كأنواع الاحتلال الذي شهده العالم فهي دولة استيطانية قوانينها من 1834 الى 1947 كلها كانت تنص على إلحاق الجزائر بالمؤسسات الفرنسية ما يوفر الجو المناسب لإقامة دولة تابعة للأم.
وأضاف أن فرنسا كانت تحلم بالاستيطان بمختلف الجنسيات الأوربية تجمعهم على أرض إفريقية بثقافة فرنكو أفريقية فوق أرض جزائرية بجنسية فرنسية وسيادة مطلقة ولو أدى ذلك ” لإبادة الأصيل وإحلال الدخيل محله ” .
وشدد المتحدث بأنه لا يجب أن يعتقد الجميع بأن فرنسا مستعدة لإعطاء أرشيف الثورة الجزائرية وهي الدولة التي تدعي بأنها الدولة الرسول للعدالة الإنسانية والأخوة بين أفرادها وأفراد العالم تطبيقا لرسالة ثورتها كما تدعي.
استغلال ” الضعف العمري” للمجاهدين لتلطيخ سمعة الثورة
اعتبر الدكتور محمد لحسن الزغيدي الباحث في التأريخ بأن السجالات والاتهامات المتبادلة التي شهدتها الساحة الوطنية مؤخرا بين مجاهدي الثورة التحريرية هي حالة نفسية لأشخاص يفوق سنهم 80 سنة والذين لم يسجل التأريخ يوما بأنهم تبادلوا التهم فيما بينهم خاصة في سن 40 أو سن 50 والأكثر من ذلك أنهم بعد الاستقلال مباشرة كان كل واحد يعظم الآخر والدليل على ذلك تصريحاتهم القديمة التي تخلو من أي تنابز أو سب أو شتم.
ويرى الدكتور لدى نزوله ضيفا على منتدى ” الموعد اليومي” بأن هناك ” بعض” الصحفيين في الجزائر -للأسف الشديد- يكونون قد استغلوا ” الضعف العمري” لكثير من مجاهدي الثورة التحريرية الذين أصبحوا يتحدثون بكل عفوية وهم في أرذل العمر، بهدف التحريض وتحريك الشحناء بينهم لأهداف باتت واضحة المعالم.
وأوضح أن من بين هذه الأهداف إضعاف الثورة التحريرية وإيضاح لجيل الاستقلال اليوم بأن تلك الصورة الناصعة والذهبية من تأريخ الجزائر ليست حقيقية وإنما هي ” افتراضية” بدليل ما نسمعه ونشاهده في الكثير من الفضاءات الاعلامية الامر الذي ولا شك يخدم مستعمر الأمس الذي يبقى المستفيد الأكبر مما يحدث .
وتساءل المتحدث “بنبرة الغيور على وطنه”: هل وجدت ابن شهيد أو وطنيا مخلصا لجيل الثورة التحريرية يقوم بهذا العمل من خلال التحريض وبث الشقاق بين مجاهدي الثورة ..؟ مضيفا “اليوم لما قامت الاصوات الوطنية وكشفت نوايا هؤلاء بدأ هذا السجال يتوقف”.
وأضاف المتحدث بأن ما يتم تحريكه بشأن الثورة من خلال السجال المذكور أمر لا يصدقه العقل، متسائلا بالقول: هل يعقل أن يقال مثلا أن العربي بن مهيدي لم يطلق رصاصة واحدة اثناء الثورة ..؟ وتابع المتحدث ” الامور التي تطرح خاصة بالأسئلة التي تصاغ وتطرح على مجاهدي الثورة على النحو الذي نشاهده غير بريئة ” وبالتالي ” هناك الكثير من المجاهدين اليوم أصبحوا يتراجعون عن تصريحاتهم لأنهم ببساطة تم تغليطهم وهم الذين يلتقون بينهم ويسلمون على بعضهم ويتبادلون الضحك ويوقر بعضهم بعضا”.
حازم.ز
الاعتراف بالجرم ” صحوة” في البرلمان الفرنسي
اعتبر الباحث في تاريخ الثورة الجزائرية محمد لحسن لزغيدي لدى حلوله في منتدى ” الموعد اليومي” أن إقدام نواب الحزب الاشتراكي على مبادرة الاعتراف بالجرائم الفرنسية تجاه الجزائريين ” صحوة” وخطوة إيجابية نحو الأمام.
وأشار الباحث الأكاديمي إلى التوظيف الدوري لملف ذاكرة الاستعمار الفرنسي للجزائر في الانتخابات الفرنسية سواء المحلية منها أو النيابية أو الرئاسية مستحضرا على سبيل المثال الملصقات التي اعتمدتها الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) في إحدى حملاتها الانتخابية.
وبالمقابل، تحدث زغيدي عن ” وزن” الجالية الجزائرية والفرنسيين من أصول جزائرية في صنع مجد فرنسا، مشيرا الى حوالي 6 ملايين جزائري مقيمين على الأراضي الفرنسية من بينهم أكثر من ألفي إطار سام في مراكز المسؤوليات بالإضافة الى النخبة المثقفة والباحثين الذين يسيطرون على هياكل البحث العلمي.
وقال ضيف ” الموعد اليومي” إن المجتمع الفرنسي مع الأسف لم يهضم بعد 55 سنة من الاستقلال أن الجزائر دولة سيدة وندية وعلى قدم المساواة مع فرنسا دوليا، كون الفرنسيين لا زالوا ينظرون إليها امتدادا إقليميا وأدبياتهم لا تزال ذهنيات استعمارية.
* مصطلح ” حرب الجزائر” يسوي الوضعية الاجتماعية لمجندي فرنسا ويبرئها من جرائمها ضد المدنيين
وفي سياق مواز، عاتب زغيدي بعض من سماهم بـ”المؤيرخين” الذين قال إنهم يدعون أنهم يكتبون في التاريخ ولم يفهموا بعد البعد التاريخي للمصطلح الفرنسي ” حرب الجزائر” ، موضحا أن هذا الأخير جاء فقط لتسوية الوضعية الاجتماعية لمجنديهم، لأن تسميتها بـ” الثورة” معناها ليس لديهم حقوق التجنيد، كما أن مصطلح “حرب الجزائر” الذي صدر في الثمانينات بفرنسا بعدما كان ” أحداث الجزائر” يعني قانونيا أن الحرب كانت بين جيش نظامي ضد جيش نظامي وليس بين جيش نظامي ضد ثورة شعبية وبالتالي المدنيون لا يحسبون وهي حيلة قانونية للتملص من الجرائم المرتكبة ضد المدنيين.
قال الأستاذ محمد لحسن زغيدي إن مسألة رسالة أول نوفمبر ليست في الدساتير لكن في الميدان على اعتبار أن كل الدساتير تتفق على أن بيان اول نوفمبر ومبادءه هو مرجعيتها.
واعتبر الزغيدي أن النص الدستوري الجزائري من أجمل وأحسن النصوص الدستورية في العالم لكن هل هي مترجمة على أرض الواقع؟ وهل الثقافة الدستورية مجسدة في البرامج التعليمية في كل الأطوار وفي الثقافة العامة اليومية للجزائري، في البيت والشارع والمجتمع المدني والجمعوي ..؟؟.
وأكد الباحث الأكاديمي على ضرورة تحصين الشعب من خلال تعليمه ما له من حقوق وما عليه من واجبات، كونه ضمان حماية للفرد والوطن والتماسك الاجتماعي والتنمية بتحقيق العدالة في جميع المجالات.
مصير تونس والمغرب كان معلقا على الثورة الجزائرية
وعلى صعيد آخر ، أوضح محمد لحسن زغيدي أن العمل التحرري مع دول الجوار بدأ موحدا في إطار الشمال الافريقي (نجم شمال إفريقيا)، مشيرا إلى الموقف الجريء للثائر المغربي عبد الكريم الخطابي عند استقلال تونس والمغرب حيث قال إن “المغرب وتونس خانتا الجزائر” لأن استقلالهما مؤقت و”خدعة” من باب أن فرنسا عمدت إلى تحرير البلدين للتفرغ إلى الثورة الجزائرية وبعد القضاء عليها تستعيدهما، وأكد لزغيدي أن نجاح الثورة الجزائرية أعفى تونس والمغرب من فرنسا وهو ما أدركته الحركة الوطنية في البلدين.
كما أشار أيضا إلى أن الجزائر كانت قاعدة خلفية للثورتين في تونس والمغرب في 1952 ، وان هناك من الجزائريين من قاتلوا وقادوا وتزعموا الجبهات ضد فرنسا في جيش التحرير المغربي أو التونسي خاصة في صفوف صلاح بن يوسف، مؤكدا قناعته أن التعاون بين دول الجوار كان شعبيا بتزكية من القيادات.
* فتحي الديب رجل مخابرات عبد الناصر وليس مخابرات مصر
اما بخصوص مصر وما كتبه فتحي الديب في مذكراته حول ثورة التحرير، قال زغيدي إن ما دونه فتحي الديب عبارة عن مزايدات تعمل على تشويه التاريخ الأخوي للبلدين، مؤكدا أن الجزائريين أكدوا في أكثر من محطة أن الثورة جزائرية وليست مصرية كما يدعي، ووصف المتحدث فتحي الديب بكونه رجل مخابرات عبد الناصر وليس رجل مخابرات مصر يريد أن يعظم دور الرجل على حساب مجلس الثورة المصري ، في حين أن التاريخ يسجل أن مصر دعمت الجزائر حتى في العهد الملكي (قبل ثورة الضباط الأحرار في جويلية 1952)، وبالرغم من ذلك يبقى للرئيس عبد الناصر فضل كبير على الثورة الجزائرية بتبنيه لها ودعمه الكبير لها وذلك بعد أن لمس صدق القضية الجزائرية في اللقاء الاول الذي جمعه بالمناضلين الجزائريين الذين طلبوا الدعم بالسلاح في الوقت الذي طلب التوانسة والمغاربة الدعم المالي.
حكيم مسعودي
جيل نوفمبر حقق الرسالة وعلى الأجيال المولية المحافظة على المكاسب
وأفاد الدكتور والباحث في التاريخ الجزائري محمد لحسن الزغيدي أن رسالة نوفمبر تتلخص في تحقيق الاستقلال التام والسيادة الكاملة وتطور الجزائر ببناء مؤسسات وطنية والعمل على إثراء رصيد الدولة الوطنية لتبقى الدولة في مستوى ثورتها الإنسانية العالمية وكذلك تنشئة الجيل الوطني، النشأة المبنية على الإرث التاريخي والمحافظة على الذاكرة الوطنية وتبليغها للأجيال المستقبلية إلى جانب مبدأ الديمقراطية وتكافؤ الفرص بين كل أبناء الأمة الجزائرية وتحقيق التوازن في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبناء المنشآت التي تساعد على أن يعيش الإنسان في الجزائر حرا سيدا يعتز بوطنه وينعم بحريته، هذه كلها -يضيف ضيف الموعد اليومي- مجسدة في بيان أول نوفمبر حين نقرؤه القراءة المتأنية السليمة، ولهذا ما نلاحظه اليوم -يفيد الدكتور لحسن الزغيدي- من خلال هذه الأبعاد التي ذكرها منها ما تم وهو واقع من الاستقلال التام والسيادة الكاملة وبناء المؤسسات وغيرها ومنها ما أعتبره أنه لا يزال في طور التجربة مثل محور الفوارق الجهوية والمحسوبية والتوازن فيما بين جهات الوطن، المدن والريف، الشمال والجنوب، الساحل والداخل وما إلى ذلك، وما يتعلق بالتنمية الوطنية التي من أهمها أن يساهم كل أبناء الوطن في البناء والإنتاج لضمان الاستقلال الوطني كما دعا الدكتور الزغيدي الجيل الثاني إلى الحفاظ على المكاسب التي تركها جيل نوفمبر والعمل على توحيد الصفوف وبناء دولة الشعب .
* كل الحكومات التي حكمت الجزائر منذ 1962 مسؤولة عن استرجاع جماجم زعماء الثورة
وأكد زغيدي أن قضية الجماجم التي مر عليها ما يقارب 160 سنة وهي منقولة الى فرنسا والتي يعود الفضل في طرح قضيتها إلى الباحثين الجزائريين المتواجدين في فرنسا والذين تنبهوا إلى هذه المسألة الهامة التي تتعلق -بحسب الزغيدي- بجزء من كياننا الوطني المأسور في متاحف الانسان بفرنسا، وهو ما لقي التجاوب السريع من جهتين هامتين الاولى الجالية الجزائرية بفرنسا وفي طليعتها النخبة المثقفة هناك والتي تعد بالآلاف والتي من خلال منبر الموعد يقول الدكتور الزغيدي بأنها كانت دائما وطنية رغم حملها لجنسية بلد المولد إلا أنها تحمل دائما في قلبها وفي ذاكراتها ثقافة أصالة ووطنية للبلد الأصل، كونها جالية تختلف عن باقي جاليات العالم بميزة تميزها وهي أنها وريثة لجيل الجالية الأولى من المهاجرين خلال الحرب العالمية الأولى وما قبلها وهم الذين نشأت الوطنية في أحضانهم وفي ربوعهم، مبرزا أن نجم المفيد نشأ عندهم في سنة 1933 وكذلك العلم الوطني الحالي ظهر عندهم في 5 أوت 1934 إلى جانب حزب الشعب الجزائري الذي ظهر عندهم في 1937 إذن يكشف محمد لحسن الزغيدي أن رموز ومصادر ومدارس الوطنية الجزائرية الثورية نشأت في أحضان الجالية الجزائرية في فرنسا
وهذه الجالية اليوم ممثلة في أحفادها وأبنائها الذين هم اليوم يقومون بشتى الضغوطات من أجل هدفين أساسين وهما: تحقيق الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت ضد أجدادهم والاعتداء على أسلافهم، والنقطة الثانية التي أبرزها الدكتور محمد لحسن الزغيدي الباحث الأكاديمي في تاريخ ثورة الجزائر هي فك أسر جماجم هؤلاء الزعماء الذين شاهدتهم الجزائر خلال القرن الـ19 من رموز وأبطال المقاومة والتي يفوق تعدادها 18000 جمجمة تم التعرف على 500 منها من بينها 36 جمجمة تعود إلى قادة ميدانيين للمقاومة الوطنية. وأما في داخل الوطن -يفصح الدكتور الزغيدي- فإن أول من استجاب لهذه الدعوة هو المجتمع المدني وفي مقدمته جمعية مشعل الشهيد التي بادرت منفردة وعملت على نشر بيان الى الشعب الجزائري وعقدت ندوة برئاسة رئسيها محمد عبادو.
وحمل الدكتور محمد لحسن الزغيدي مسؤولية استرجاع الجماجم إلى كل الحكومات الوطنية التي حكمت الجزائر منذ 1962 إلى يومنا هذا، داعيا إلى فهم لغز استعراض هذه الجماجم بالمتاحف الفرنسية التي تحمل بعدين الأول ديني كون أن هذه الجماجم تعود إلى زعماء دينيين، لأن الذي حملوا راية المقاومة الوطنية هم مشايخ الدين من زعماء زوايا وأئمة في هذه الزوايا ومعلمين ومرشدين لكونهم هم القادة والمثل والقدوة لتجنيد الشعب، وثانيا الرمز الوطني لأن هؤلاء الذين أخذت جماجمهم – يضيف الدكتور والباحث في تاريخ ثورة الجزائر – هم قادة لثورات وطنية هدفهم طرد المحتل وتحرير الوطن فهم الأوائل الذين عبدوا الطريق لجيل نوفمبر وهم الأوائل الذين سطروا بأحرف حمراء من دمهم لكتابة الأسس والمبادئ والمنطلقات التي تغذت منها الذاكرة الوطنية والتي ورثها جيل ثورة نوفمبر التي حررت الوطن وحررت الإنسانية وأصلحت رسالة العالمية.
كما توجه الأستاذ الدكتور الزغيدي بالشكر لمن بدأ طريق هذه الثورة وعبدها وأوصلها إلى هذا الجيل الذي ورثها.
وكشف الدكتور الزغيدي أن الاحتفال بذكرى الاستقلال لا معنى له وجماجم لزعماء المقاومات والمعارك الجزائرية لا تزال محبوسة لدى الاستعمار واعتبر الدكتور أن الاحتفاظ بالجماجم بمتحف فرنسا إهانة للجزائريين .
ز. حطاب