دقت عدة أندية تنشط في البطولة المحترفة الأولى لكرة القدم ناقوس الخطر في ظل تفاقم أزماتها المالية بدليل عدم تمكنها من الايفاء بالتزاماتها تجاه لاعبيها الذين شنوا حركات احتجاجية، وبعضهم لجأوا إلى اضراب محدود
دون أن يتحرك المسيرون لحل المشاكل العالقة.
وفي هذا الصدد، لم يجد لاعبو شباب بلوزداد من حل سوى تحرير رسالة موجهة للأنصار، يحيطون إياهم علما بوضعيتهم المالية الصعبة، في الوقت الذي يستعد فيه النادي لخوض مباراة الدور نصف النهائي لكأس الجزائر، وهي منافسة يعول عليها الجميع في بلوزداد لمعانقة السيدة الكأس مجددا، بعد ثمانية مواسم عجاف، علما بأن آخر لقب للبلوزداديين يعود إلى سنة 2009.
وحتى مدرب الشباب بادو زاكي، بدأ يظهر انزعاجه من هذه الوضعية بسبب التأخر الحاصل في تسوية المستحقات المالية للاعبين، حيث صرح الناخب الوطني السابق لأسود الأطلس قائلا: “لو تبقى هذه الوضعية على حالها، نخشى تضييع الهدف الأساسي للموسم والمتمثل في كأس الجزائر، حيث يصعب على اللاعبين التركيز على عملهم، طالما وأنهم لم يتلقوا أجورهم منذ عدة أشهر”.
وتشمل هذه الوضعية أيضا الأغلبية الساحقة لأندية الرابطة الأولى سواء منها المعنية باللقب أو تلك التي تصارع من أجل ضمان البقاء.
وخير دليل على ذلك، رائد الترتيب وفاق سطيف الذي يوجد في أحسن رواق للتتويج بلقب الموسم ” 2016 -2017″ الذي خسره الموسم الفارط لصالح اتحاد الجزائر، حيث يجد صعوبات جمة للإيفاء بالتزاماته المالية إزاء اللاعبين منذ عدة شهور، والذين لا يفوتون أي فرصة لمطالبة رئيس النادي حسان حمار بمستحقاتهم.
وكانت هذه الأزمة المالية قد عجلت برحيل المدرب عبد القادر عمراني في نهاية مرحلة الذهاب. وكان بإمكان أن تتعقد وضعية الوفاق أكثر، لوكان الفريق المتعود على المشاركة في المنافسات الإفريقية، متأهلا هذا الموسم في كأس الكاف أو رابطة الأبطال بالنظر للمصاريف الباهظة المنجرة عنها.
وحتى مولودية الجزائر صاحبة المركز الثاني في البطولة الوطنية والمتأهلة لمرحلة المجموعات لكأس الكنفيدرالية الإفريقية، والتي هي تابعة لشركة سوناطراك، فإن لاعبيها لم يتقاضوا أجورهم منذ شهر جانفي الماضي.
نفس الوضع يعيشه اتحاد بلعباس الذي يحتل المركز الثالث وأندية أخرى عديدة دفعت الثمن غاليا، نتيجة نقص الموارد المالية على غرار مولودية بجاية وشباب باتنة اللذين وضعا القدم الأولى في القسم الأسفل، بينما لفت اتحاد الحراش الأنظار بحركاته الاحتجاجية المتكررة وإضراباته المتعددة للمطالبة بأموالهم.
وكانت الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد في السنوات الأخيرة من جراء تراجع أسعار النفط، وراء تعقيد مهمة مسيري الأندية في استقطاب الممولين ضمن المتعاملين الاقتصاديين سواء منهم العموميين أو الخواص. وحتى أولئك الذين استثمروا في السابق في الكرة الجزائرية، قرروا تخفيض مساهمتهم المالية بشكل كبير.
في هذا السياق، ناشد الرئيس الجديد للاتحادية الجزائرية لكرة القدم خير الدين زطشي، رؤساء الأندية انتهاج سياسة “الروح الرياضية المالية”، كما يعتزم إعادة تفعيل المديرية الوطنية للمراقبة والتسيير، وهي هيئة أنشئت “لمرافقة الأندية المحترفة ومساعدتها في إعادة التوازن في ميزانياتها”.
ومما لا شك فيه، أن مرحلة الانتقالات الصيفية المقبلة ستحدد بنسبة كبيرة درجة وعي رؤساء الأندية بخصوص الخطر المحدق بهم، خاصة وأنهم تعودوا في السابق على استقدام اللاعبين بمبالغ خيالية دون الأخذ بعين الاعتبار إمكانياتهم المالية الحقيقية، مساهمين بذلك في إفلاس الشركات الرياضية ذات أسهم التي رأت النور عام 2010، والمتزامنة مع ميلاد عالم الاحتراف.