لقد ابتلى الله عز وجل بعباده في هذا العام بوباء كورونا، الذي أضر بالعباد والبلاد، وقد أوصت المنظمات الصحية بالأخذ بأسبابٍ حسيةٍ تقلل من الإصابة به، من أهمها ثلاثة؛ وهي: الأول: التباعد الاجتماعي. الثاني: تطهير الأيدي بالمعقمات. الثالث: ارتداء الكمامات. وهي أسباب يأخذ بها المسلم، ولكن لا يكون اعتماده عليها، بل يكون اعتماده على الله عز وجل، فهو حسبه وهو كافيه؛ قال تعالى: ” وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ” الطلاق: 3، ومن أخذ بهذه الأسباب لتكون سببًا للوقاية له من الإصابة من وباء كورونا، فليجاهد نفسه في الأخذ بالأدوية القلبية والإيمانية التي لها تأثير في دفع الوباء ورفعه، فمع تطهير الأيدي بالمعقمات، يحرص المسلم على تطهير قلبه من المعاصي القلبية؛ ومنها: الحسد والرياء، والعجب والكبر، والفخر والخيلاء، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، والفرح والسرور بأذى المسلمين، والشماتة بمصيبتهم، ومحبة أن تشيع الفاحشة فيهم، وحسدهم على ما آتاهم الله من فضله، وتمنِّي زوال ذلك عنهم، ونحو ذلك.
فطوبى لمن كان حرصه على تعقيم يديه وقايةً من الإصابة بوباء كورونا دافعًا له لتطهير قلبه من المعاصي القلبية، فهي داء مهلك، ولها عواقب؛ من أهمها: أنها تمرض القلب، فلا يرى الحق حقًّا، أو يراه على خلاف ما هو عليه، ومنها: أنها قد تكون سببًا في سوء الخاتمة، ومنها: أنها من أسباب حرمان حلاوة الإيمان، ولذة الطاعة، ومنها: أنها من أسباب الوقوع في الأمراض والأزمات النفسية، فما يعانيه كثير من الناس اليوم من قلق وآلام نفسية من أهم أسبابها الوقوع في المعاصي القلبية. ومن رامَ أن يتجنب الوقوع في المعاصي القلبية، فعليه أن يعمُرَ قلبَه بالطاعات القلبية؛ كمحبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، والإخلاص والتوكل، والخوف والرجاء، والصبر والرضا والشكر، والصدق والحياء، والإنابة، ونحوها، فهي سد منيع يحجز مَن امتلأ قلبه منها من الوقوع في المعاصي القلبية، وإن مما يعين المسلم على ذلك – بعد توفيق الله له – أمور؛ منها: قراءة القرآن الكريم بتدبر، ودوام ذكر الله عز وجل، وطلب العلم الشرعي، والدعاء والتضرع بصلاح القلب وزكاته.