أنوار من جامع الجزائر

الأخلاق في حياتنا – الجزء الثاني والأخير –

الأخلاق في حياتنا – الجزء الثاني والأخير –

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَإِخْوَانِهِ، أَلَا وَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ- أَنَّ التَّحَلِّيَ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ لَيْسَ مُجَرَّدَ سُلُوكٍ اجْتِمَاعِيٍّ مَحْمُودٍ فَحَسْبُ، بَلْ هُوَ عِبَادَةٌ نَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. يَقُولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم “مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ”. وَيَقُولُ: “إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ.

فَلْنَنْظُرْ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- كَيْفَ نُسْقِطُ هَذِهِ القِيَمَ السَّامِيَةَ عَلَى حَيَاتِنَا الْمُعَاصِرَةِ، فبِهَا سَادَ أَسْلَافُنَا الْعَالَمَ، وَبِهَا انْتَشَرَ الْإِسْلَامُ فِي أَصْقَاعِ الْأَرْضِ. فَقَدْ كَانَ التَّاجِرُ الْمُسْلِمُ دَاعِيَةً بِأَمَانَتِهِ وَصِدْقِهِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُ سَفِيرًا لِدِينِهِ بِرُقِيِّ تَعَامُلِهِ وَسَمَاحَتِهِ. فَلْنَتَّقِ اللَّهَ -عِبَادَ اللَّهِ-وَلْنَحْرِصْ جَمِيعًا عَلَى التَّحَلِّي بِأَخْلَاقِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، لأنها السَّبِيلُ لِنَيْلِ مَحَبَّةِ ٱللَّهِ وَرِضْوَانِهِ، وَالطَّرِيقُ لِبِنَاءِ مُجْتَمَعٍ مُتَرَاحِمٍ وَمُتَحَابٍّ، تَسُودُهُ ٱلْقِيَمُ ٱلنَّبِيلَةُ. ثُمَّ صَلُّوا رَحِمَكُمُ ٱللَّهُ وَسَلِّمُوا عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ٱلَّذِي أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ بِٱلصَّلَاةِ وَٱلسَّلَامِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: “إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۖ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” ٱلْأَحْزَاب: ٥٦. ٱللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي ٱلْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. ٱللَّهُمَّ ٱهْدِنَا لِأَحْسَنِ ٱلْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَٱصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، ٱللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ ٱلْإِيمَانِ، وَٱجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ. ٱللَّهُمَّ ٱرْزُقْنَا شَفَاعَةَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَٱحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ، وَٱسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ شَرْبَةً هَنِيئَةً لَا نَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا. اللَّهُمَّ احْفَظْ بَلَدَنَا الْجَزَائِرَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ انْصُرْ عِبَادَكَ المُرَابِطِينَ المُجَاهِدِينَ فِي فَلَسْطِينَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَ كُنْ لَهُمْ عَوْناً وَنَصِيراً يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللهُمَّ ارْحَمْ إِخْوَانَنَا المُسْتَضْعَفِينَ فِي غَزَّةَ، اللهُمَّ أَطْعِمْ جَائِعَهُمْ، وَاكْسُ عَارِيَهُمْ، وَاشْفِ مَرِيضَهُمْ، وَأَمِّنْ خَائِفَهُمْ، وَارْحَمْ مَيِّتَهُم، وَتَقَبَّلْ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ شَهِيدَهُم. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. عِبَادَ اللهِ “إِنَّ اَ۬للَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالِاحْسَٰنِ وَإِيتَآءِے ذِے اِ۬لْقُرْب۪يٰ وَيَنْه۪يٰ عَنِ اِ۬لْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِۖ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَۖ ” ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، ” وَلَذِكْرُ اُ۬للَّهِ أَكْبَرُۖ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَۖ “. وَيَغْفِرُ اللهُ لِي وَلَكُمْ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الجزء الثاني والأخير من خطبة الجمعة من جامع الجزائر