الأخلاق النبوية.. لا تُصَاحِبْ إلا مُؤمِنًا

الأخلاق النبوية.. لا تُصَاحِبْ إلا مُؤمِنًا

إنَّ الهجرة المحمديَّة فيها دروسٌ عظيمة، لا ينتهي مَدَاها، هذا الدرس هو الصحبة الصالحة، وهي سجيَّة كريمة، وفضيلة عُلْيَا، فنحن الآن أمام مَشهد تتجلَّى فيه الصَّدَاقة والأخوَّة في أنْقَى معانيها، هذا هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يهمُّ بالهجرة، فيطلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتظرَ، وعندما جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتَخَفِّيًا؛ ليخبرَه أنَّه أُذِن له بالهجرة؛ فيكون أول شيءٍ من رَدِّ فِعْل أبي بكر رضي الله عنه: “الصحبة يا رسول الله”. إنها صُحبة رجل مُطَارَد مطلوب رأْسُه، فعَلامَ يَحرِص الصِّدِّيق رضي الله عنه على هذه الصُّحبة ويفرح ويَفتخر بها؟! إنَّه الإيمان الذي تميَّز به صِدِّيق هذه الأمة رضي الله عنه والذي جعَلَه يُسخِّر نفسَه وأهلَه ومالَه من أجْل صاحبه ونبيِّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعَرَض نفسه لمصاحبته وخِدْمته وحمايته في الهجرة، هذه هي الصداقة، وهذه هي الصحبة الصالحة، هذا هو الوفاء مع الصاحب، هكذا يُعَلِّمنا الصِّدِّيق رضي الله عنه درسًا في أهميَّة الصُّحبة على الطريق إلى الله، فأين هي الصُّحبة الصالحة في زماننا؟ وأين الوفاء في هذا المجتمع؟ أصبحتِ الدنيا مصالِحَ، كم من المسلمين في زماننا لا يَمشي أحدهم مع أخيه إلا من أجْل مصلحة أو منفعة يعود خيرُها إليه! كَمْ من المسلمين مَن لا يصادقك إلا مِن أجْل عملٍ، فإذا انتهى العمل تَرَكك! وكم من المسلمين مَن يُكثر من زيارة أخيه الذي تولَّى مَنصبًا لا لله، بل من أجْل أن يصِلَ إلى غايته!. فالدرس الذي نستنبطه من دروس الهجرة المباركة هو الصحبة الصالحة، الصحبة النقيَّة، الصحبة الخالصة لله تعالى لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يُوصي أُمَّته في الحديث الذي أَخرجه أبو داود، والترمذي: “لا تُصَاحِبْ إلا مُؤمِنًا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إلا تَقِيٌّ”.