لقد أحب الصحابة رضي الله عنهم نبيهم صلى الله عليه وسلم حبًّا جاء بعد حبهم لله قويًّا نقيًّا خالصًا أعلى من حبهم أنفسهم وأولادهم، حتى صار حبهم هو معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكن لماذا أحبّوه هذا الحب؟ إذ لا يوجد في التاريخ كله قوم أحبّوا إمامهم أو زعيمهم أو شيخهم أو قائدهم أو أستاذهم كما أحبّ أصحاب محمد محمدًا صلى الله عليه وسلم حتى افتدوه بالمهج، وعرّضوا أجسامهم للسيوف دون جسمه، وضحوا بدمائهم لحمايته، وبذلوا أعراضهم دون عرضه، فكان بعضهم لا يملأ عينيه من النظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له، ومنهم من ذهب إلى الموت طائعًا ويعلم أنها النهاية وكأنه يذهب إلى عرس، ومنهم من احتسى الشهادة في سبيل الله كالماء الزلل، لأنه أحبّ محمدًا ودعوته.