اعرف نبيك.. حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته

اعرف نبيك.. حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته

إن الحديث عن وصايا نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم لأمته يطول؛ لأنه كان حريصًا أشد الحرص على أن يُرشدهم ويدلهم ويهديهم إلى كل ما من شأنه تحصيل خيري الدنيا والآخرة، والفوز برضوان الله تعالى، فأما الوصية الأولى، فقد جاءت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: “أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لا أدعهن حتى أموت: صومُ ثلاثة أيامٍ من كل شهر، وصلاةُ الضُحى، ونومٍ على وتر” متفق عليه. أما الوصية الأخرى ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتمثل في الإحسان إلى الجار وإكرامه، وحُسن التعامل معه، والحرص على صِلتِه وزيارته، وعدم إيذائه أو التقصير في حقه بأي شكلٍ من الأشكال، قال صلى الله عليه وسلم: “أوصيكم بالجار”؛ رواه الطبراني. وهذا معناه أن حق الجار كبيرٌ جدًّا، وأن مقامه عند الله تعالى عظيم، وهو ما يؤكده حديث عبد الله بن عمر، وعائشة رضي الله تعالى عنهما، أنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”؛ رواه البخاري. ومن الوصايا النبوية الوصية بالمحافظة على ذكر الله سبحانه بعد الصلاة، وألا يدع المسلم، أو يغفل عن ترديد الأذكار المسنونة بعد كل صلاة؛ فعن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: “أُوصيك يا معاذ، لا تدعنَ في دُبُرِ كل صلاةٍ أن تقول: اللهم أعنِّي على ذِكرك، وشُكرِك، وحُسنِ عِبَادتِك” صححه الألباني. ومن وصاياه صلى الله عليه وسلم التحلِّي بست خصالٍ تُعد من مكارم الأخلاق، وفضائل الأعمال، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم، أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدَّثتُم، وأوفوا إذا وعدتُم، وأدُّوا إذا ائتُمِنتُم، واحفظوا فروجَكم، وغُضوا أبصَاركم، وكُفوا أيديكم”؛ رواه أحمد.

 

وما علمناه الشعر

قال تعالى ” وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ” قال أبو إسحاق: معنى: ” وما علَّمناه الشِّعْرَ ” أي: ما جعلناه شاعرًا، وهذا لا يمنع أن ينشد شيئًا من الشعر، قال النحاس: وهذا من أحسن ما قيل في هذا، وقد قيل: إنما أخبَر الله عز وجل أنه ما علَّمه الله الشعر، ولم يُخبر أنه لا ينشد شعرًا، وهذا ظاهر الكلام، وقيل: فيه قول بيِّنٌ، زعم صاحبه أنه إجماع من أهل اللغة، وذلك أنهم قالوا: كل من قال قولًا موزونًا لا يقصد به إلى شعر، فليس بشعرٍ، وإنما وافق الشعر، وهذا قول بيِّن، قالوا: وإنما الذي نفاه الله عن نبيه عليه السلام، فهو العلم بالشعر وأصنافه، وأعاريضه وقوافيه والاتصاف بقوله، ولم يكن موصوفًا بذلك بالاتفاق. ونفى كون القرآن شعرًا، ألا ترى أن قريشًا تراوضت فيما يقولون للعرب فيه إذا قدموا عليهم الموسم، فقال بعضهم: نقول: إنه شاعر، فقال أهل الفِطنة منهم: والله لتكذبنَّكم العرب، فإنهم يعرفون أصناف الشعر، فو الله ما يشبه شيئًا منها، وما قوله بشعر. وقال أنيس أخو أبي ذر: لقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فلم يلتئم أنه شعر؛ أخرجه مسلم، وكان أنيس من أشعر العرب، وكذلك عتبة بن أبي ربيعة لما كلمه: والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر، وكذلك قال غيرهما من فصحاء العرب العرباء واللسن البلغاء، ثم إن ما يجري على اللسان من موزون الكلام لا يعد شعرًا. أما قوله تعالى: ” وما ينبغي له” أي: وما ينبغي له أن يقوله، وجعل الله جل وعز ذلك علمًا من أعلام نبيه عليه السلام؛ لئلا تدخل الشبهة على مَن أرسل إليه، فيظن أنه قوي على القرآن بما في طبعه من القوة على الشعر، ولا اعتراض لملحد على هذا بما يتفق الوزن فيه من القرآن وكلام الرسول؛ لأن ما وافق وزنه وزن الشعر، ولم يقصد به إلى الشعر ليس بشعر، ولو كان شعرًا لكان كل من نطق بموزون من العامة الذين لا يعرفون الوزن شاعرًا، على ما تقدم بيانه، وقال الزجاج: معنى وما ينبغي له؛ أي: ما يتسهل له قول الشعر لا الإنشاء، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين.

من موقع إسلام أون لاين