الجزائر- قال الخبير الاقتصادي، حميد علوان، خلال استضافته في منتدى “الموعد اليومي”، إن النموذج الاقتصادي الجديد للتنمية الذي أعلنت عنه الحكومة قبل عامين هو في الحقيقة نموذج قديم يعتمد على خلق
الثروة من قبل المؤسسات، لكن الإشكالية -بحسبه- تصب في السياسة الاقتصادية المنتهجة والتي لا تحفز مناخ الأعمال والمبادرة لخلق الثروة، وتعتمد فقط على النمط الريعي التوزيعي لعائدات البترول بدل الاستثمار، واصفا الاقتصاد الجزائري بـ”غير الفعال” ولا يؤدي إلى الرفاهية .
وتحدث الخبير الاقتصادي عن ضرورة التعاطي مع الحلول المقترحة للمشكلة الاقتصادية بـ”واقعية اقتصادية” وقال إن النموذج الذي تتحدث عنه الحكومة يتطلب تغيير ذهنية الجزائريين وجعلهم منتجين للقيمة المضافة، معترفا بأن الجزائري أصبح لايشتغل وإذا اشتغل فلساعات قليلة بالمقارنة مع المقاييس المتعارف عليها، دون أن يغفل علوان الإشارة إلى ضرورة مواكبة المنظومة الحاكمة لمتطلبات الشفافية في الاقتصاد.
ونبه حميد علوان إلى خطورة الاستمرار في الاعتماد على عائدات المحروقات بصفة شبه كلية، وقال إن على الجزائر بعث القطاعات الإستراتيجية “المهملة” وفي مقدمتها الزراعة التي لا تشكل عائداتها سوى 8 بالمائة من الدخل الاجمالي، والصناعة التي تسهم إلا بحوالي 5 بالمائة منه، فضلا عن قطاع السياحة الذي لا يزال كلية خارج الاستغلال، حتى أن ما يقارب 6 ملايين سائح جزائري يتجهون موسميا الى الخارج لقضاء عطلهم.
وأشار كذلك -على سبيل المثال- إلى أن قطاع الزراعة في كالفورنيا وحده يحقق عائدات تفوق 1000 مليار دولار، أي ما يعادل عائدات الجزائر من البترول خلال 15 عاما ، وأن هذا القطاع في إندونيسيا يشغل 40 مليون مواطن أي ما يعادل تقريبا كل سكان الجزائر.
كلما كانت أزمة بترول رجعنا 10 سنوات إلى الوراء
وحذر الخبير الاقتصادي من أن الجزائر ستبقى في خطر دائم اذا استمرت في تسيير اقتصادها بالمنطق الريعي قائلا بصريح العبارة “نحن أمام جدار ومنعرج خطير، فكلما كانت هناك أزمة بترولية كلما رجعنا 10 سنوات إلى الوراء “.
وعلى صعيد آخر، أعاب علوان المنظومة التي تسير بها السلطات العمومية الاقتصاد الجزائري خاصة ما تعلق بوقوفها عائقا أمام تحرير المبادرة على المستوى المحلي لخلق الثروة، وتحدث في هذا الصدد عن وجود “قيود إدارية” تقف في وجه رؤساء البلديات فضلا عن “الكفاءة” المفقودة لصنع المبادرة بحكم أن معايير انتقاء المترشحين لا يأخذ المستوى والمؤهلات في الحسبان.
وفي رده على سؤال يخص إمكانية أن يكون للمؤسسة العسكرية دور في الاقتصاد، قال إن الجيش يضطلع بالمهام الدفاعية و لا يصح أن ندخله في متاهات أخرى، مضيفا أن هذا الاخير يكفيه أنه يحمي المنشآت الاقتصادية الحيوية و يوفر 3 مليار دولار سنويا من التهريب. وشدد في الوقت نفسه أن الدور الاقتصادي وفرض الانضباط تحت مسؤولية أجهزة المؤسسات المدنية الرقابية على رأسها مجلس المحاسبة ومحافظ بنك الجزائر والمفتشية العامة للمالية …
الجامعة تصرف فقط على نوم الطلبة وأكلهم
وبخصوص الدور المنوط بالجامعة لبعث الاقتصاد الجزائري، يرى علوان أن الجامعة اليوم هي ضحية ظروف وسياسات عامة، مؤكدا أن البحث العلمي يعاني أساسا من “التمويل” ، الذي يتجه في معظمه- وعلى قلته- إلى المنشآت والخدمات، متسائلا: كيف تريد أن تعطيك الجامعة اقتصادا وأنت لا تصرف إلا على نوم الطلبة وأكلهم؟.
ح م
قال إن الشفافية منعدمة حول من سيستفيد من المؤسسات المفلسة..علوان:
“الخصخصة ضرب لمصالح العمال “
التحكم في الأسعار ينطلق من التحكم في الآلة الإنتاجية
علق أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر 3، حميد علوان، عن الجدل القائم حول خصخصة المؤسسات العمومية الاقتصادية، قائلا إن “الخصخصة لديها قواعد ومراحل، يجب تشخيص وضعية الاقتصاد الجزائري ، هل يحتاج فعلا إلى خصخصة، ومن سيستفيد من هذه المؤسسات المفلسة، ومن يجازف ويقوم بشراء أسهمها وهي في هذه الحالة” .
وتابع المتحدث قوله لدى نزوله ضيفا على منتدى “الموعد اليومي”، ” إذا كانت هذه المؤسسات العمومية تباع لرجال الأعمال المبدعين والنزهاء، فهذا أمر جيد من شأنه رفع القدرة الإنتاجية للمؤسسة، لكن ليس بيع أملاك الجزائر والجزائريين لأفراد معينين يعيدون بيع المؤسسات، أو بيعها لأفراد بسعر رمزي عن طريق رأس المال الخاص، فهذا أمر خطير ويجب إيجاد ميكانيزمات لتسيير هذه المؤسسات”.
وأضاف علوان أن “المؤسسات الخاصة في بريطانيا تقابلها نقابات مستقلة وهذه الأخيرة تقوم بالدفاع عن العمال، لكن في الجزائر لا توجد نقابات في المؤسسات الخاصة فمن يدافع عن العامل” معتبرا أن الخصخصة هي ضرب لمصالح العمال الجزائريين، وتؤدي إلى خلق استعباد آخر للعامل وبالتالي الذهاب إلى الخصخصة في ظل غياب الشفافية يعني الدفاع عن حقوق أرباب العمل” .
“آلة الإنتاج معطلة.. والأسعار مرشحة للارتفاع مرة أخرى”
أفاد أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر 3 حميد علوان، أن انهيار القدرة الشرائية للمواطنين راجع بالدرجة الأولى إلى غياب مقابل إنتاجي محلي وحوكمة اقتصادية نزيهة، علاوة على تحايل العامل الجزائري في أداء العمل المنوط به.
وأكد المتحدث، أن ارتفاع أسعار مختلف المواد الاستهلاكية مرشح للارتفاع مرة أخرى، كون آلة الإنتاج “معطلة” ، معتبرا أن التحكم في الأسعار ينطلق من التحكم في الآلة الإنتاجية، قائلا إن” الوضعية التي تعيشها الجزائر ذات مسؤولية مشتركة تتحملها السياسات الفاشلة وغياب الرجل المناسب في المكان المناسب وصولا إلى العامل الذي لا ينتج”
“لا يمكن أن يكون صاحب رأس المال هو النقابي”
وعاد أستاذ الاقتصاد، حميد علوان، للتعليق على تحول منتدى رؤساء المؤسسات إلى نقابة لأرباب العمل، موضحا أن الدور الأساسي والرئيس للنقابة هي الدفاع عن العمال ومصالحهم، قائلا “لا يمكن أن يكون صاحب رأس المال هو النقابي”، متسائلا أين هي ثقافة النقابة في المؤسسات الجزائرية، وبأي منطق يتكلم أرباب العمال و هم لا يدرون معنى ثقافة النقابة، داعيا إياهم إلى الاطلاع على تاريخ النقابة وكيف تأسست في القرن 19 .
عبدالرحمان تاجر
الخبير الاقتصادي، حميد علوان في منتدى “الموعد اليومي”:
طبع النقود من دون خدمات مقابلة يؤدي إلى التضخم
هل يضمن أويحيى عدم تحويل الأموال المطبوعة إلى الأسواق الموازية؟
أكد الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة الجزائر، حميد علوان، أن الابتعاد عن التمويل غير التقليدي بات حتمية في ظل التعافي المؤقت لأسعار النفط مؤخرا، مضيفا أن هذا القرار ستترتب عنه نتائج سلبية في حالة ما تبنته الحكومة.
وأوضح علوان، لدى نزوله ضيفا على منتدى “الموعد اليومي” أنه يجب الابتعاد عن التمويل غير التقليدي (طباعة الأموال) بعد تعافي أسعار النفط مؤخرا، مؤكدا أن طبع النقود من دون خدمات وسلع مقابلة سيؤدي إلى تدهور العملة الوطنية ويخلق التضخم.
وتساءل ضيف “الموعد اليومي” عن الاجراءات الواجب وضعها من أجل مراقبة هذه الأموال المطبوعة، قائلا في الصدد ذاته: “هل يضمن الوزير الأول أحمد أويحيى عدم تحويل هذه الأموال إلى الأسواق السوداء والموازية”.
الانتقال من دولة ريعية إلى دولة ذات اقتصاد قوي يتطلب وقتا طويلا
وأكد المحلل الاقتصادي حميد علوان، أن الانتقال من مرحلة التبعية للمحروقات إلى مرحلة الاقتصاد الحر يتطلب وقتا طويلا وتضحيات كبيرة، مضيفا أن الإرادة السياسية وحدها لا تكفي بهذا الخصوص.
وأوضح علوان، أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة الجزائرية من أجل الخروج من التبعية للمحروقات لا يمكن أن تظهر نتائجها بين عشية وضحاها، مؤكدا أن انتقال الجزائر من دولة ريعية الى دولة ذات اقتصاد قوي يتطلب وقتا كبيرا ودفع فاتورات باهظة.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن الإرادة السياسية وحدها لا تكفي من أجل انتقال ناجح من مرحلة الى أخرى، مؤكدا أنه لا بد على الجميع شعبا وحكومة المشاركة في تجسيد هذا الانتقال وبناء معالمه.
وقال ضيف الموعد اليومي أن الشعب إذا أراد حقا أن يعيش في دولة لا تكون مداخيلها الأساسية مرهونة بأسعار النفط، لا بد أن يدفع فاتورة ذلك، موضحا أن هذه الفاتورة ربما تكون على شكل قرارات اقتصادية قاسية قد تصدرها الحكومة.
مصطفى عمران
70 مليار دولار تتداول في الاقتصاد غير الرسمي غير مصرح بها
كشف الخبير الاقتصادي، حميد علوان، أن “الجزائر ليست دولة منحصرة ومنطوية على نفسها بل هي تؤثر وتتأثر بالمحيط الخارجي، كون المحيط متحركا جدا وديناميكيا في الاقتصاد العالمي، وما نلاحظه – يفسر المتحدث- أنه في يوم واحد هناك إغلاق بورصات وفتح أخرى، هناك زوال مؤسسات وإنشاء مؤسسات أخرى في مختلف الدول الرأسمالية وحتى من بينها الدول التي لازالت اشتراكية كالصين”.
وأشار الخبير الاقتصادي أن في كل اقتصاديات الدول يعتمد الاقتصاديون على قاعدة مدى إنتاجية الاستثمار وعلى مدى فعالية وأداء الاقتصاد أو المنتجات من سلع وخدمات في منطقة معينة ونظام اقتصادي معين، وما يجعل القول بأنه لما تستثمر دولارا يجب أن تتحصل في آخر السنة على ثلاثة دولارات، ولهذا -يقول الدكتور- في الجزائر القاعدة مقلوبة، فالاقتصاد هو علم الرياضيات وعلم الأرقام والتنبؤ.
ووصف الخبير الاقتصادي حميد علوان السياسات العامة والسياسة الاقتصادية في الجزائر بالفاشلة باعتبار أن الدولة الجزائرية تعتمد على مداخيل قطاع المحروقات باتخاذها سياسة الاتكال على مداخيل البترول فهي دولة ريعية لا تستطيع الإقلاع باقتصادها وتنوعيه رغم أن للجزائر إمكانات بشرية هائلة وثروات طبيعية كبيرة وحتى لو قارنها مع القارة الأوروبية، فإن مساحة الجزائر تبقى أكبر، يقول الخبير في الاقتصاد حميد علوان، ملحا على أن السياسات العامة والسياسات الاقتصادية المنتهجة عبر عدة مراحل وعبر عدة حكومات لم تؤد إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب .
وأضاف “إننا نشتغل في اقتصاد رسمي لا تستفيد منه الدولة بل يستفيد منه بعض الجماعات المافياوية التي اغتنمت الفرصة في ظل غياب إجراءات ردعية ضاربا المثل بما جرى من أحداث في قضية سوناطراك 01 و سوناطراك 2 ومن قبل قضية الخليفة وطونيك وغيرها من قضايا الفساد التي تسببت فيها جماعة مافياوية وأدت بالاقتصاد الجزائري إلى الانحطاط أو بما يسمى بإحالة الاقتصاد الجزائري إلى جريمة اقتصادية حيث حوالي 70 مليار دولار تتداول في الاقتصاد غير الرسمي غير مصرح بها ولا تستفيد منها الخزينة العمومية.
زهير حطاب