صدر مؤخرا عن دار الهدى بعين مليلة، كتاب جديد لمنشورات مؤسسة عبد الحميد بن باديس، والذي يحمل عنوان “عبد الحميد بن باديس في الثقافة العربية الاسلامية”، وهو من تقديم رئيس مؤسسة الإمام عبد الحميد بن باديس ،الدكتور عبد العزيز فيلالي.
تضمن الكتاب أعمال ومداخلات الملتقى الدولي المنعقد بمدينتي قسنطينة ووهران والذي جرت فعالياته في الـ 17 أفريل2015 بكل من مسجد عبد الحميد بن باديس بوهران، ومسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة، على امتداد يومين، وكان ذلك بالتزامن مع تدشين مسجد ابن باديس بوهران من طرف وزير الشؤون الدينية والأوقاف، الدكتور محمد عيسى.
كما تطرق الكتاب ذاته من خلال مضمونه القيم للعديد من المواضيع ذات الأهمية البالغة التي اكتستها حياة الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس بزواياها المختلفة النضالية والدعوية والفكرية.. وجاءت هذه المواضيع في إطار مداخلات لباحثين أكاديميين، حيث قدم الدكتور، خليل كمال، من جامعة محمد لمين دباغين، دراسة حول ” المشروع النهضوي في الجزائر مطلع القرن العشرين “، وتطرقت الدكتورة، مونية طراز، من المغرب، لموضوع “الفكر الإصلاحي عند ابن باديس واستمداداته القرآنية”، حيث أوضحت في سياق مداخلتها الجهود الإصلاحية التي بذلها الشيخ، رابطة إياها بالأصول التي نبع منها منهج العلامة والتي تكمن في القرآن الكريم والسنة، بينما اهتمت الدكتورة، أحلام بوعلاق، من جامعة عنابة، بـ “مواقف العلامة عبد الحميد بن باديس العالمية، وخطاباته المكرسة للبعد الإنساني والتي تدل على ثقافته الموسوعية التي خرجت من المحلية إلى العالمية بفضل مرافعته دفاعا عن العربية والإسلام والإنسانية، وهي الفكرة نفسها التي تبناها الدكتور، مصطفى عبيد، في تدخله الذي خصصه لمناقشة موضوع حضور ثورة الريف المغربية في كتابات عبد الحميد بن باديس من خلال جريدة المنتقد.
وتتواصل الدراسات المقدمة حول العلاّمة مقارنة هذه المرة بين الحركة الاصلاحية في كل من الجزائر والمغرب والمشرق ، وهو المبحث الذي استفاض فيه الدكتور، مومن العمري، من جامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، إضافة الى الدكتور عبد الباسط شرقي، من جامعة سيدي محمد عبد الله من مدينة فاس المغربية، والذي تحدث عن الفكر الإصلاحي المغاربي من خلال ابن باديس والحجوي نموذجا، أما الدكتور، أنور الزيداني، من قطر، فقد تكلم عن بديع الزمان النورسي وابن باديس وقضايا الأمة، كما تحدثت الدكتورة كريمة محمد كربية من جامعة سلمان بن عبد العزيز بالخرج من السعودية عن مناهج اجتهاد السلفية الحديثة.
كما وردت في المؤلف عدة دراسات أخرى كان العلاّمة عبد الحميد بن باديس محور بحثها، وذلك في سبيل الاعتراف بما قدمه من تضحيات كبرى في سبيل نشر العلم والمعرفة، والذود عن العروبة والإسلام، كما أكد الدكاترة والمحاضرون على ثراء وأهمية ما قدمه وتركه العلاّمة من موروث فكري وأثر عملي، وشددوا على ضرورة تعريف الجيل الصاعد بمؤلفاته ومنهجه وفكره حتى يكون مثلا أعلى يقتدى به في طلب العلم وحب الوطن والتدين المعتدل.
هذا، ويعد العلامة عبد الحميد بن باديس، من بين الأسماء الجزائرية والعربية الخالدة في المجال النضالي والفكري، حيث حمل على عاتقه هم النهوض بالأمة الجزائرية وإعادة بعث روح الحضارة والحفاظ على المقومات الأساسية الجامعة وهي الإسلام والعروبة والوطن خاصة بعد تخييم الجهل نتيجة الاستدمار، وحرر ابن باديس عقول الجزائريين من الأمية ثم حررهم من الاستدمار ودافع عن المقومات الجامعة كما لا ننسى دوره في جمع العلماء على كلمة واحدة من خلال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.