اعتبره المواطنون بمثابة استرجاع السيادة .. ترحيب كبير بقرار فتح “نادي الصنوبر”

اعتبره المواطنون بمثابة استرجاع السيادة .. ترحيب كبير بقرار فتح “نادي الصنوبر”

بعد ثلاثين سنة من إغلاقه أمام الجزائريين، قرر الرئيس عبد المجيد تبون فتح شاطئ نادي الصنوبر أمام عامة الشعب بعدما كان حكرا على المسؤولين فقط.

لقي خبر إصدار تبون تعليمة بفتح شاطئ “إقامة الدولة نادي الصنوبر” أمام جميع المواطنين وإلغاء شرط حمل “شارة الدخول” للولوج إلى الشاطئ، ترحيبا كبيرا لدى المواطنين الذين اعتبروا التعليمة من أبرز التعليمات المؤكدة لمساعي الرئيس الجادة نحو الجزائر الجديدة.

المدينة المحظورة

إقامة الدولة “نادي الصنوبر” هي مدينة محظورة على الطريقة الجزائرية، حيث يعيش المسؤولون الجزائريون وعائلاتهم بمعزل كامل عن الشعب.

وكان الدخول إلى المحميّة ممنوعا إلا بترخيص مسبق، والحصول على موطأ قدم هناك يجبر الطامع فيه على الانحناء أمام عبد الحميد ملزي المدير السابق للإقامة الذي عمّر فيها لأكثر من عشرين سنة، آمرا ناهيا، قبل أن ينتهي به المطاف في سجن الحراش بالجزائر العاصمة، بتهمة تهديد الاقتصاد الوطني والتجسس الاقتصادي.

وأثار خبر اعتقال ملزي تفاعلا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لما تمثله إقامة الدولة في مخيال الشعب الجزائري كرمزٍ مكرّس للطبقية، وجاء خبر الاعتقال ليمنح شعورا بزوالها.

 

إلغاء الفوارق واسترجاع الشعب لسيادته

ولقي القرار ترحيبا كبيرا لدى المواطنين و في هذا الصدد قال السيد عبد الكريم: “عندما تخطو السلطات الجزائرية خطوة إيجابية لابد من الإشادة بها. ففتح شاطىء نادي الصنوبر الذي استولى عليه بعض العسكريين ورجال المال والدولة طيلة ثلاثين سنة يعد بمثابة استرجاع السيادة!”.

وأضاف المتحدث “نتمنى أن يرفق هذا الإجراء بتوفير الحراسة الأمنية، لمراقبة امتثال المصطافين لتعليمات الوقاية من فيروس كورونا حتى لا تنقلب الفرحة إلى مأساة”.

لكن الملاحظ أنه ورغم مجانية الدخول والإلتزام الذي توصي به إدارة النادي الذي هو ليس بالأمر الصعب تنفيذه ولا يحتاج إلى مجهود وأموال كبيرة لجعله واقعا، غير أنه بدا عند الجزائريين الذين أقبلوا على الشاطئ بمثابة حلم شبيه بالمعجزة لسيطرة ذهنيات وعادات من الصعب تغييرها. فبات الذهاب إلى نادي الصنوبر كالمعجزة التي صعب التصديق أنها تحققت.

مزاحمة النافذين

أصداء حياة مشابهة لألف ليلة وليلة أغرت بعض ميسوري الحال، ودفعتهم للتودد لأبناء المسؤولين من أجل الحصول على البطاقة السحرية.

تقول المحامية سارة – وهي في نهاية عقدها الثالث- “لقد اشتريت بثلاثة ملايين سنتيم (نحو 250 دولارا) بطاقة مدعوة سمحت لي بالدخول بعض المرات، وبعدها بسنة استطاع أحد النافذين أن يمنحني بطاقة إقامة كأني فردٌ من عائلته مقابل سبعة ملايين سنتيم (نحو 580 دولارا)”.

وعن سبب دفعها لهذه الأموال، تقول سارة “أنا أدفع سنويا أموالا كثيرة للسفر خارج البلد للاصطياف والعيش كما أشاء، لهذا قررت دفع الأموال نفسها من أجل دخول نادي الصنوبر، فهناك لا أحد يزعجني في البحر ولا أحد يتحرش بي في الملاهي والحانات. أنا شعبية لكن قاطني هذه الفيلات ليسوا أحسن مني لكي ينعموا بكل هذا وأنا أتفرج، هم أسسوا نظاما يجعلهم أحسن منّا فتلوّنت بلونهم”، تقول ذلك وهي مقتنعة بأن ما قامت به يعتبر حقا لا يمكن أن تعاب عليه.

من جهته، قال الشاب سمير الذي اشتغل سابقا بوابا في أحد مداخل الإقامة “لم يتعلموا من الحضارة الصينية العظيمة إلا مدينتها المحظورة على الشعب، تخيّل لقد شيّدوا جنانا وفيلات وشاليهات فخمة، ثم اشمأزوا منا فسيّجوها بالأسوار ومنعوا  الزوالي من شواطئ المنطقة، كأنهم يقولون لنا كل يوم: أنتم لستم مثلنا، راقبتهم سنة كاملة (مدة عمله بوابا)، لم ألاحظ في وجوههم أنهم يعون أنهم يؤدون دور المستعمر الجديد”.

يختتم سمير حديثه بالتأكيد أن “هذه الإقامة وكيفية إدارتها السرية أبعدت الشعب عن الساسة والنواب والوزراء وكرست القطيعة بينهم، بل ساهمت بشكل ما في الحراك الشعبي الذي أحدث التغيير.

ولم يكتف أصحاب القرار بأخذ الأرض وتسيّيجها بأموال الخزينة العمومية ومنع الشعب من دخولها فحسب، بل حرموهم من السماء والبحر وما تحت التراب في المحميّة، فبعد إنشائها ومع تواصل توسّعها الجنوني على حساب أراض فلاحية، مُنع السكان قرب الإقامة من الصيد ومن ممارسة الرياضة البحرية.

كما مُنعوا من أي نشاط قد يهدد سلامة وأمن سكان إقامة الدولة، وتم ترك الباب مفتوحا دون تحديد كل الأنشطة المعنيّة، لكي يتم منع أي شيء بمجرد اتفاق والي العاصمة مع مدير الإقامة، وهذا بقوة القانون، وكل هذا أصبح من الماضي بعد إصدار تبون للتعليمة التي أبهجت الشعب الذي شعر أنها إنهاء فعلي للطبقية أكثر من فرحته بفرصة دخوله الشاطئ.

ل.ب