يتميز بجوانب خفية رغم انتشاره بين الأطفال

اضطراب التفاعل الاجتماعي اللغوي… الأعراض والتشخيص

اضطراب التفاعل الاجتماعي اللغوي… الأعراض والتشخيص

تعرفنا في مقالات سابقة عديدة على اضطراب طيف التوحد، واليوم سوف نتعرف على اضطراب آخر مشابه للتوحد – ولكنه في الحقيقة غالباً ما يكون مخطئاً في التشخيص إن تم – لأنه يخلو من العديد من الأعراض التي تميز التوحد. إنه «اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي» الذي يتميز بأنماط اتصال غير تقليدية ومحرجة، حيث يواجه فيه الفرد صعوبة في التواصل مع الآخرين.

إن الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب لا يعانون من صعوبات في التواصل اللفظي فحسب، بل يواجهون أيضاً صعوبات في التواصل غير اللفظي، وصعوبات في الإدراك الاجتماعي، وصعوبات براغماتية، وصعوبات في معالجة اللغة أيضاً. وهذا ما يجعل الأفراد المصابين يبتعدون، في كثير من الحالات، عن المواقف التي يكون فيها التواصل ضرورياً.

اضطراب التواصل

هناك نمط الأعراض التشخيصية يتمحور في صعوبة فهم واستخدام اللغة لأهداف التفاعل الاجتماعي، حيث تتركز الصعوبات في صعوبة فهم واستخدام قواعد التفاعل الاجتماعي المناسبة لكل موقف مثل تفريق طريقة التفاعل مع الأقران والمعلمين في بيئة المدرسة على سبيل المثال، كما يواجهون صعوبة في التفسير والاستخدام الصحيح لقواعد التواصل غير اللفظي مثل التواصل البصري وتعبيرات الوجه، بالإضافة لصعوبة الاستنتاج وفهم المقصود، ولكن لما لم يقل بشكل مباشر (المعنى المتضمن) كما في النكات والاستعارات التي نستعملها في حديثنا اليومي.

أما عن الأسباب المحتملة لظهور نمط الأعراض المميز لاضطرابات التفاعل الاجتماعي واللغوي، فيقول المختصون إن هذه الأسباب، لحد كبير، هي غير محددة، ولكن الطفل قد يكون أكثر عرضة في حال تواجد تاريخ إيجابي في العائلة لحالات اضطراب طيف التوحد أو حالات اضطرابات التواصل أو حالات اضطرابات اللغة.

الأعراض

هناك 7 أعراض شائعة لاضطراب التواصل الاجتماعي اللغوي، وهناك عدد غير قليل من الأعراض المرتبطة باضطراب التواصل الاجتماعي، من أبرزها ما يلي:

– الافتقار للتواصل بالعين: أحد أكثر أعراض هذا الاضطراب شيوعاً هو قلة التواصل البصري، والنظر إلى الأسفل أو إلى الجانب أثناء التحدث مع شخص ما، خصوصاً إذا كان من الأعراض المزمنة، يتطلب التفكير في طلب الاستشارة الطبية. ومع ذلك قد يكون، في بعض الحالات، مجرد علامة على أنك لست صريحاً بشأن شيء ما.

– تحية الآخرين بشكل غير لائق: الميل إلى إلقاء التحية على الآخرين بطرق غير مناسبة. على سبيل المثال، قد يفشل بعض المصابين في قول «مرحباً» للآخرين الذين قالوا «مرحباً» لهم للتو، فيتصرفون كما لو أنهم يتجاهلون الأشخاص الذين استقبلوهم في البداية، أو أنهم يستخدمون عبارات لا معنى لها للتحية أو إيماءات باليد غير مناسبة، مما يربك أولئك الذين يتحدثون إليهم.

– الفشل في تعديل أساليب التواصل: فيكون لدى هذا الشخص أسلوب اتصال واحد يستخدمه لكل التفاعلات، دون تفريق بين الأسلوب الذي يستخدمه في البيت عما يجب أن يكون عليه في المدرسة أو الجامع.

– التحدث بمقاطعة الآخرين: الميل للتحدث مقاطعا الآخرين أثناء المحادثات دون اعتبار لمكانة المتحدث الأول.

– استخدام لغة الجسد غير اللائقة: فحركات اليد المفرطة لجانب النظر إلى الأرض أثناء التحدث يمكن ربطه بهذا الاضطراب، خاصةً إذا تسبب في ظهور الشخص المصاب بالصلابة أو الإحراج.

– رواية قصص بطريقة مفككة، غالباً ما يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من مشكلة في سرد القصص، حيث تواجههم صعوبة في تجميعها معاً بطريقة مباشرة، فتظهر على أنها مشتتة، مفككة، ويصعب متابعتها.

– الفشل في مواصلة الموضوع: أي عدم القدرة على البقاء في موضوع واحد والميل للانحراف لأفكار أخرى أثناء الحديث، هو مدعاة للقلق إذا كان عادة مزمنة.

اضطراب نفسي جديد

اضطراب التواصل الاجتماعي واللغوي هو تشخيص جديد تم تقديمه في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في نسخته الخامسة وهو ما يعرف بصعوبة مستمرة في التواصل الاجتماعي اللفظي وغير اللفظي. كما ذكرت الاختصاصية ريم بأن هناك بعض الخصائص التي يجب أن تكون محددة لأجل اكتمال التشخيص وهي محدودية التواصل الاجتماعي مع الآخرين، وجود صعوبة أو تحديات في الجانب الأكاديمي أو الوظيفي، أن تكون هذه الخصائص منذ الطفولة وليست مرتبطة مع اضطراب أو مرض آخر مثل اضطراب طيف التوحد، تأخر اللغة النمائي أو الإعاقة الذهنية.

قد توجد إشكالية في التفريق بين اضطراب طيف التوحد واضطراب التواصل الاجتماعي واللغوي، لأن الخاصية الأساسية لكليهما متشابهة وهي صعوبة في التواصل مع الآخرين، ولكن في حالة اضطراب طيف التوحد، فإن ضعف التواصل الاجتماعي هو أحد خصائص طيف التوحد، بالإضافة إلى أنماط سلوكية مستمرة ومقيدة.

التشخيص والعلاج

أوضح المختصون أن التشخيص يبدأ بإجراء تقييم مبدئي من قبل اختصاصي التخاطب واللغة، يتضمن الآتي:

– تقييم اللغة وسلامة النطق واستخدام اللغة في محلها الصحيح للتواصل.

– قد يحتاج البعض من الأطفال لعمل تقييم مفصل ومنظم لاستخدام اللغة والتواصل البراغماتي.

– بالإضافة إلى ذلك، تتم مقابلة الطفل ومراقبة تواصله مع الآخرين في أكثر من بيئة مثل المنزل والمدرسة.

– تتم تعبئة استبيان من قبل الطفل أو أهله أو بواسطة المعلم/ المعلمة في المدرسة.

– ولضمان أن تكون النتائج أكثر دقة، يجب أن يكون التقييم محافظاً على ثقافة المريض وبيئته ويتم إجراؤه من قبل فريق طبي متكامل يتضمن اختصاصي التخاطب واللغة، اختصاصي نفسي وبمشاركة الأهل والمعلمين من المدرسة.

أما الخطة العلاجية فتشمل:

تبعاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن خطة علاج اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي تتضمن الخطوات التالية:

– الاستفادة من نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف التي تؤثر على التواصل الاجتماعي.

– تسهيل أنشطة الشخص والمشاركة في التفاعلات الاجتماعية من خلال مساعدة الشخص على اكتساب مهارات واستراتيجيات جديدة للتواصل مع الآخرين.

– تعديل سياق الحديث الذي يكون بمثابة حواجز أو صعوبات لتعزيز نجاح التواصل والمشاركة مع الآخرين.

– أكد الأطباء أن للأسرة دورا كبيرا في مساعدة الأطفال الذين يعانون من اضطراب التفاعل الاجتماعي واللغوي، ويتمثل في كيفية التعامل مع التحديات المختلفة التي تظهر على نمط التفاعل مثل صعوبة إجراء حديث والاستمرار فيه.

ق. م