هو الذي يقبل التوبة عن عباده، فما من عبدٍ عصاه وبلغ عصيانه مداه، ثم رغب في التوبة إلا فتح له أبواب رحمته، وفرح بعودته ما لم يَنَم العبد على فراش الموت، أو تطلع الشمس من مغربها؛ فعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها” رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر” رواه الترمذي. فلو أن إنسانًا اتبع هواه أو استجاب لشيطانه، وتمادى في جُرمه وعصيانه، فقتل مائة نفس، وارتكب كل إثم، وأراد التوبة تاب عليه وبدَّل له سيئاته حسنات؛ قال تعالى واصفًا عباد الرحمن: ” وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ” الفرقان: 68 – 70. وجاء أبو طويل شطب الممدود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: أرأيت من عَمِل الذنوب كلها ولم يترك منها شيئًا، وهو في ذلك لم يترك حاجةً ولا داجة إلا أتاها، فهل لذلك من توبة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “فهل أسلمت؟”، قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: “تفعل الخيرات وتترك السيئات، فيجعلهنَّ الله لك خيرات كُلَّهنَّ”، قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: “نعم”، فما زال الرجل يكبِّر حتى توارى ” صححه الألباني. فهو الذي يحب أن يتوب عباده ويريد من عباده أن يتوبوا؛ قال تعالى: ” إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ” البقرة: 222، وقال تعالى: ” وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ” النساء: 27.