استعجالات المستشفيات الجزائرية… فوضى، قلة الخدمات وتأجيل المواعيد روتين المرضى اليومي

elmaouid

يعد قطاع الصحة في الجزائر من أهم القطاعات التي تهم المواطن نظرا لخصوصيته وأهميته وتأثيره السلبي أو الإيجابي، ومن المؤكد أن الوافد على أي مستشفى ترتسم في ذهنه نظرة سلبية أو إيجابية عن طريقة

استقبال المرضى وصولا إلى الإمكانيات المتوفرة بنوعيها البشري والمادي المتواجد في هذا المستشفى أو ذاك المستوصف، ويكون الأمر أكثر حساسية خاصة عندما يتعلق بمصلحة الاستعجالات التي تعتبر القلب النابض للمستشفى، فعندما يدخل إليها المريض، يخرج منها حيا أو ميتا.

هذا، ويشهد مصطفى باشا أكبر المستشفيات في البلاد اكتظاظا كبيرا خاصة في مصلحة الاستعجالات، طوابير طويلة من المرضى القادمين من كل مكان بسبب الكسور أو حوادث المرور، حيث تعتبر هذه الحالات الأكثر شيوعا بذات المصلحة، والأمر الذي يزيد من استياء المواطنين العدد الكبير من المرضى، ما جعل المصلحة لا تقدر على تلبية جميع رغباتهم.

 

مصلحة الاستعجالات… هل هي عنوان التراخي في علاج المريض؟

وأنت تدخل هذا المرفق الصحي يتخيل إليك أن المرضى أكثر عددا من الأصحاء، فلا توجد مصلحة بها أماكن شاغرة، وأصحاب المآزر بمختلف ألوانها البيضاء والخضراء تجوب الأروقة ذهابا وإيابا، إذ يوجد أطباء وممرضون وممرضات، ولكن الكل تائه وكأنهم غير موجودين ولا معنيين بالمرضى الذين يتوافدون يوميا في حالة يأس من التكفل بهم على أكمل وجه.

ومن خلال تواجدنا في المصلحة، وجدنا عددا كبيرا من المرضى ومن جميع الأعمار أطفال رضع، شباب، كهول، شيوخ، فهناك من كان منهم يئن ألما وآخرون من كانوا ملتزمين الصمت في انتظار وصول دورهم لأخذ العلاج اللازم، وحين تواجدنا هناك شد انتباهنا أحد الشباب الذي كان وحيدا أمام مركز الاستعلامات جالسا على الأرض يتوجع من شدة آلام البطن إلا أنه حاول إخفاءها، فحالته هذه جعلت الكثير من المواطنين يثورون قصد إسعافه خصوصا و أن هذا الشاب كان وحيدا، فليس هناك من يدخله إلى المصلحة الاستعجالية.

 

المواطنون يشتكون من قلة الخدمات والإدارة تؤكد أنها في حدود الاستطاعة

 مستشفى زميرلي بالحراش هو الآخر يعرف اكتظاظا وفوضى عارمة بمصلحة الاستعجالات، حيث اشتكى لنا عدد كبير من المواطنين الذين تمت محاورتهم بالمستشفى، من أجواء الانتظار الممل والمصحوب في الكثير من الحالات بالاستياء والغضب الذي جعل في كثير من الأحيان عددا منهم يصدرون ضجة كبيرة ولم يتوقفوا على التعليق، هذا ما أدى إلى تدخل رجال الشرطة قصد امتصاص غضبهم، وحين سألنا أحد أعوان الإدارة عن سبب الفوضى، أكدوا لنا أن مصلحة الاستعجالات تبقى قبلة العديد من الأشخاص حتى عند شعورهم بألم أو صداع بسيط، وكما قال “عوضا أن يتوجهوا للمصالح الأخرى المتخصصة، وبالخصوص المؤسسات العمومية للصحة الجوارية التي صارت تعمل على مدار اليوم، يفضلون الاستعجالات، هذا ما يجعل العدد جد كبير، ولا نستطيع تلبية طلبات جميع هؤلاء المرضى الذين عادة ما يكونون جد عصبيين”.

 

المواعيد إلى أجل غير مسمى والعمليات لمن استطاع إليها سبيلا

يعاني المواطنون من بعض النقائص والتدني في مستوى الخدمات الطبية، وفي مقدمتها تراخي بعض الأطباء كعدم احترامهم للمواعيد الطبية، حيث يحددون مواعيد للمرضى قصد فحصهم أو علاجهم، إلا أن المواطن يتفاجأ لعدم حضور الطبيب أو خروجه قبل الموعد، وهذا أمر غير مقبول، والأخطر فإن هناك بعض الأطباء يحولون بعض المرضى من القطاع العام إلى القطاع الخاص من أجل إجراء فحوص وتحليلات هي متوفرة في المستشفيات العمومية وحتى لإجراء عمليات جراحية يمكن القيام بها في المستشفى.

 

ضحايا حوادث المرور والمنزل يملأون جميع قاعات المستشفيات

صادف وجودنا بالمستشفى وصول سيارة الإسعاف على جناح السرعة وعلى متنها شاب لا يتعدى سنة 30 سنة ضحية لحادث مرور وقع بضواحي براقي، استقبل على جناح السرعة في غرفة الفحص، دخل الغرفة وهو في حالة غيبوبة وجهه ممتلئ بالدم، بقينا هناك أمام القاعة التي أُدخل إليها وبعد حوالي دقيقة فقط خرج الطبيب و ملامح الحزن بادية على وجهه، أين أخبر عائلة الشاب بوفاته إثر تأثره بالجروح الخطيرة التي تعرض لها بعد أن دهسته سيارة في الطريق السريع، وكانت الفاجعة كبيرة على أخت الشاب التي لم تتحمل ما وقع لأخيها فأغمي عليها ونقلت هي الأخرى لأخذ العلاج اللازم، وحين سألنا عن سبب هذا الحادث أكد لنا ابن عم الشاب المتوفي أنه تلقى ضربة مميتة على مستوى الرأس بفعل هذا الحادث الأليم. حالة أخرى مؤثرة للشاب “تاج الدين” قدم على جناح السرعة بعد أن تعرض لضرب من طرف أحد الأشخاص المجهولين بالحراش، أين كانت حالته جد خطيرة استدعت إدخاله إلى قاعة العمليات لإجراء عملية على مستوى الرأس، أين دامت عمليته أكثر من ساعتين ونصف، إلا أنه في الأخير أجرى العملية بنجاح، و قد أكدت لنا أخت الشاب تاج الدين أنه قصد الحراش لزيارة جدته إلا أن مجموعة من المجهولين اعترضوا طريقه وقاموا بضربه على مستوى الرأس بقضيب حديدي أين أغمي عليه ونقل على جناح السرعة.

كما كان هناك العديد من المرضى الذين يعانون من الكسور سواء كانت حوادث عمل أو حوادث منزلية، إذ كانت هناك حالة أخرى مؤثرة لشاب تعرض إلى كسر حاد في الرجل بعد أن سقط من إحدى البنايات أين كانت إصابته جد خطيرة استدعت إدخاله لإجراء عملية جراحية دقيقة، وتبقى مصلحة الاستعجالات بزميرلي تستقبل جميع الحالات المستعصية إلا أنها لم تستطع إرضاء جميع الوافدين.

فاطمة صدوقي