استضافتها عاصمة الزيانيين… ندوة وطنية تعود إلى السياسات القمعية الاستعمارية في الجزائر

elmaouid

عرفت قاعة سينما جمال الدين شاندرلي بعاصمة الزيانيين تلمسان أشغال الندوة الوطنية الموسومة بالسياسات القمعية الاستعمارية في الجزائر، المنظمة بالشراكة بين المتحف العمومي للفن والتاريخ الذي يديره

باقتدار واحترافية الأستاذ نور الدين بن عزة بمعية ثلة من أساتذة جامعة أبي بكر بلقايد المشهود لهم بالتفاني في خدمة النشاط الثقافي بالولاية.

هذه التظاهرة في حقيقة الأمر احتفالية مميزة تندرج في إطار إحياء الذكرى 58 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960، إذ سطر القائمون على هذه التظاهرة محاور، بحيث قاربوا الإشكالية المطروحة مقاربة تاريخية وسينمائية لتكون بمثابة الشاهد على فجيعة هذا الحدث التراجيدي الذي مرت به الجزائر.

وقدم المتدخلون أربع أوراق بحثية بالعربية والفرنسية مشفوعة بالحقائق التاريخية ووسائل الإيضاح خاصة الأرشيف الذي تمكن الباحثون من الوصول إليه.

وتناوب على المنصة كل من الدكاترة عبد المجيد بوجلة ورشيد بن خنافو وأحمد بن داود ود سعيد بلعربي، جلول ود عبد الرحمان بالأعرج الذي ترأس هذه الجلسة العلمية. ولعل المشترك بشكل إجمالي أن هذه المقاربات التاريخية هو توثيق لكل المظاهر السياسية الاستعمارية الفرنسية في الجزائر خاصة في شقها البربري والهمجي تجاه السكان الأبرياء العزل.

واستعرض الباحثون في دقائق معدودة شتى مظاهر التعذيب والقهر النفسي بدءا من نشر الإشاعة وتشويه صورة الثورة الجزائرية لدى السكان وكل الممارسات الأخرى مثل الجلسات الكهربائية والحرمان من النوم وقلة الطعام وأداء الشعائر الدينية والاغتصاب والإذلال وأشياء أخرى لا يتصورها العقل البشري. وكان لزاما بالطبع أن يستحضر الباحثون أسماء شخصيات فرنسية أدوا دور الجلاد وبعضهم تقلد مناصب سامية في هرم السلطة الفرنسية رغم أنه يصنف في خانة الجبابرة الطغاة وصانعي القهر الإنساني.

هذه الحقائق ذاتها سيوثقها سينمائيا المخرج السعيد عولمي المعروف بمساهماته الرصينة في هذا المجال والتي مكنته باقتدار من افتكاك جوائز وطنية وعربية.

وشاهد الجمهور الحاضر فيلمه الوثائقي الرائع على آثار المحتشدات المرتكز أساسا على شهادات حية لجزائريين ساسة وبسطاء ومن النخبة الفرنسية الذين عاشوا في تلك الحقبة، ويرصد هذه الحالة المأساوية من خلال فضاءات متعددة كانت مسرحا لهذه المحتشدات الرهيبة في شرق البلد وغربها.

ولعل من أسباب نجاح هذا الفيلم الوثائقي هو تمكن صاحبه من الوصول إلى أرشيف نادر وفاضح في الآن ذاته. وفي نهاية هذه الاحتفالية الوطنية، كرّمت هيئة المتحف للفن والتاريخ ضيفها المخرج سعيد عولمي والمجاهد بلحسن بالي من تلمسان أحد رموز الحركة الوطنية بالجهة، وبالإضافة إلى كونه واحدا من المشتغلين على أدبيات الثورة الجزائرية وشخصياتها، فقد أصدر الرجل أكثر من 30 كتابا بالعربية والفرنسية في هذا المضمار.