استُصدرت الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي، أكثر من 30 ألف بطاقة مقاول ذاتي، في خطوة اعتبرها البروفيسور شعيب يونس لبنة أساسية في بناء اقتصاد وطني أكثر مرونة وتنوعًا، مشيرًا إلى أن هذا النظام الجديد يفتح آفاقًا واسعة للعمل المنظم ويوفر فرصًا حقيقية للشباب للخروج من دائرة البطالة والنشاط الموازي.
وخلال استضافته في برنامج “أرقام ورهانات” على أثير إذاعة قسنطينة، قدّم أستاذ كلية علوم الشريعة والاقتصاد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، شرحًا مفصلًا حول الإطار القانوني والتنظيمي للمقاول الذاتي، مؤكدًا أن الآلية المعتمدة لا تقتصر على تسهيل ممارسة النشاط الاقتصادي الفردي فحسب، بل تساهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف الدولة التنموية الكبرى ضمن رؤية آفاق 2030.
وأوضح البروفيسور يونس، أن المقاول الذاتي هو كل شخص طبيعي يمارس عملاً فرديًا مدرجًا ضمن قائمة النشاطات المعتمدة من قبل الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي، الجهة المخولة بتنظيم العملية. ويخضع هذا النظام القانوني للقانون الأساسي رقم 22-23 الصادر في ديسمبر 2022، والذي يحدد شروط الممارسة، منها استصدار بطاقة المقاول الذاتي، والتصريح لدى مصلحة الضمان الاجتماعي لغير الأجراء. وأكد المتحدث، أن عدد النشاطات المسجلة فاق 1300 نشاط موزعة على سبعة محاور كبرى تشمل: الخدمات الموجهة للأشخاص، الخدمات للمؤسسات، الخدمات الرقمية، الترفيه والتسلية، الاستشارة والتكوين، الخدمات الثقافية، وكذا الاتصال والسمعي البصري. كما أشار إلى إمكانية اقتراح نشاطات جديدة غير مدرجة حاليًا في القائمة الرسمية. وبخصوص شروط الحصول على بطاقة المقاول الذاتي، شدد البروفيسور يونس على ضرورة بلوغ السن القانوني (18 سنة)، وامتلاك الجنسية الجزائرية أو الإقامة القانونية، مع تحقيق رقم أعمال سنوي أقل من 5 ملايين دينار جزائري. ولفت إلى أن هذه البطاقة تمنح حامليها عدة امتيازات، أبرزها الإعفاء من السجل التجاري، تخفيض ضريبي بنسبة 0.5%، والانخراط في نظام الضمان الاجتماعي بما يسمح بالحصول على بطاقة الشفاء والتغطية الصحية والتقاعد. كما تتيح إمكانية تحقيق مداخيل من داخل وخارج الوطن، وتمنح صفة قانونية للممارسة مما يعزز الثقة بين المقاول والمتعاملين معه. وأشار البروفيسور يونس، إلى أن البطاقة تمثل أيضًا بوابة نحو إنشاء مؤسسة مصغرة أو ناشئة، وتوفر إطارًا قانونيًا يحفظ حقوق جميع الأطراف من خلال العقود الرسمية، ما يسهم في إخراج النشاطات من السوق الموازية والحد من حالـة عدم اليقين التي يعيشها كثير من العاملين خارج الإطار القانوني. وعن الأهمية الاقتصادية للمقاول الذاتي، بيّن المتحدث أن هذا النظام يخفف الأعباء عن الشركات الناشئة التي تلجأ إلى خدمات المقاولين الذاتيين في مجالات متعددة مثل التسويق أو إنشاء مواقع إلكترونية. كما يساهم بشكل فعّال في خفض نفقات القطاع العام، رفع معدلات التشغيل، وتقليص نسبة البطالة، إلى جانب توفير إيرادات ضريبية للدولة، وتقليص السوق الموازية. وفي ختام حديثه، أبرز البروفيسور شعيب يونس أن نظام المقاول الذاتي يشكل رافعة أساسية في تجسيد أهداف الدولة الاستراتيجية ضمن المخطط الاقتصادي “آفاق 2030″، لا سيما في تحقيق الأمن الغذائي، الطاقوي، الصحي والتكنولوجي، ما يجعله أداة فاعلة في التنمية المستدامة وبناء اقتصاد متنوع ومتين.