لمائدة طعام الأسرة دورٌ كبير في غرس القيم في نفوس الأطفال، فهي تعلم الأطفال، وتغرس فيهم الشعور بالحب والأمان والمسؤولية، وتقدير الذات، والترابط بين أفراد الأسرة، وهي فرصة ليعتاد الأطفال التحدث مع الكبار، والاستماع إليهم. فمن خلال جلوس أفراد الأسرة حول مائدة الطعام يتحقق التعارف الأسري في أسمى معانيه؛ حيث يتعرف الأطفال على الكثير عن الأب والأم، وعن آرائهم المختلفة في شتى الموضوعات، وما يحبون وما يكرهون، وما يعتبرونه صوابًا، وما يعتبرونه خطأً، وأيضًا يتعرف الأب والأم على آراء وأفكار الأطفال، وما يحبون وما يكرهون، ومن خلال الجلوس حول مائدة طعام الأسرة يمكن لكل من الأب والأم مناقشة أبنائهم الذين هم في سن المراهقة في أي موضوع يشغلهم، وما ينشأ في حياتهم.
ومائدة طعام الأسرة فرصة عظيمة ليعرف أفراد الأسرة بعضهم بعضًا، كما يتعلمون كيف يجلسون معًا للحوار، وهذا لتقارب الذي سيشعرون به تجاه بعضهم سيقلل بشكل كبير وملحوظ من حدوث الجدل والسلوك السيئ فيما بينهم، وحتى وإن حدث خلاف بين أفراد الأسرة، فإنهم يلتقون على الطعام بما يصفي النفوس، ويقرب بين القلوب. يعد قضاء وقت سعيد حول مائدة طعام الأسرة هو أعظم فائدة ونفع يعود على الأطفال؛ والتفكير فيما يمكن التحدث فيه على مائدة الطعام؛ ليشترك فيه الأبناء مهما تكن أعمارهم، فالأطفال لديهم آراء وأفكار؛ لذا يجب على الأب والأم طرح أسئلة لا تتطلب إجابة من كلمة واحدة. إن وقت الطعام لا بد أن يكون وقتًا سعيدًا، وفرصة سعيدة لاجتماع أفراد الأسرة، والحديث اللطيف، والنقاش حول مختلف الموضوعات والقضايا، ولا يجب أن يكون هذا الوقت وقتًا للتأديب والعتاب والضحك ورفع الصوت، والكلام الجارح، فعندما يكون وقت الطعام مبهجًا لطيفًا وسعيدًا ومريحًا، وخاليًا من الخلاف والنزاعات، يتطلع إليه الأبناء، ويشتاقون للتجمع حول الأب والأم.