ومِن الصائمين مَن يسهر الليل سهرًا ضائعًا، لا منفعةَ فيه، ولا أجر؛ فَهُمْ في لهْوٍ ولعب وشرود، بينما لا تجد في هذا السهر ركعتين في ظلام الليل. وهذا من علامات النفاق، ومن براهين مرض القلوب، وموت الأرواح. ومنهم مَن ليس بينه في رمضان وبين القرآن الكريم صلةٌ أو قربى، يقرأ كثيرًا لكن في غير القرآن الكريم، ويطالع كثيرًا ولكن في كتب غير كتاب الله عز وجل.
ومِن الصائمين مَن لا تجود نفسُه بصدقةٍ في هذا الشهر العظيم، ولا تشرف مائدتُه بتفطير بعض الصائمين؛ فبابه مغلق، وكفه بخيلة. قال تعالى: “مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ” النحل: 96. وقال تعالى: “وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ” المزمل: 20.
ومِن الصائمين مَن ترك الصلاة، وتكاسل عنها، ولسان حاله يقول: تكفيني الفريضة، وهو لا يكتفي من الدنيا بالقليل، بل يحرص على الكماليات منها حرصه على الضروريات. ومِن الصائمين مَن أتعب أهله بتكلف صنع كثير من الأطعمة والأشربة؛ حتى أشغلهم عن القرآن الكريم والسُّنة، وعن ذكر الله والعبادة، ولو اقتصر على الضروري؛ لوجد أهلُه وقتًا واسعًا للتزود من طاعة الله عز وجل. ومن الأخطاء الإسرافُ في رمضان في موائد الإفطار والسحور؛ فيوضع من الطعام ما يكفي الفئام من الناس، ويكثر من الأنواع، ويفنن في عرض كل غالٍ ورخيص، من مطعم ومشرب، قال سبحانه وتعالى: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” الأعراف: 31. ويقع بعض الصائمين في ذنوب عظيمة، تفسد عليهم صيامهم، وتضيع عليهم قيامهم؛ منها الغِيبة، ومنها النميمة، والفحش في القول، والاستهزاء واللعن، وغيرها من ذنوب اللسان.