قبيل أيام من حلوله

ارتفاع سعر الأضاحي يصدم الجزائريين ويحرم الكثيرين من أداء السنّة

ارتفاع سعر الأضاحي يصدم الجزائريين ويحرم الكثيرين من أداء السنّة

شهدت أسعار الأضاحي ارتفاعاً جنونيا وقفزة نوعية مقارنة بالسنة الماضية، ما أحدث صدمة لدى المواطنين، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود، الذين وصفوا وضع الأسواق بالملتهب، عكس الباعة الذين يرون أن الأسعار في المتناول، وهو التضارب الذي وضع المواطن في حيرة من أمره، وجعل المناسبة الدينية لا تأخذ نصيبها المعهود من التضامن والتآزر والسعادة، بعد أن عجزت فئات واسعة عن شراء الأضحية.

وفي حين يؤكد مربو الماشية أن سبب ارتفاع أسعار الأضاحي يرجع إلى ارتفاع أسعار الأعلاف وغيابها تارة والتلاعب بها تارة أخرى، يرى المواطن أن هذا الوضع مرده دخول السماسرة على الخط بعد أن اقتحموا هذا النشاط التجاري، وباتوا يسيطرون على السوق باقتنائهم أعداداً كبيرة من الأغنام من أصحابها وطرحها بأسعار مرتفعة من دون حسيب ولا رقيب.

 

شكاوى المواطنين

وأدى التضخم وتراجع قيمة الدينار إلى ضعف إقبال المواطنين على شراء الأضاحي، حيث يقول “عادل”، موظف بمديرية النقل، إنه رجع خاوي اليدين في زيارته للسوق بعد أن فوجئ بالأسعار، وأضاف المتحدث أنه سينتظر لأيام أو يضطر إلى الاشتراك مع أخيه كبديل حتمي، فيما قال صديقه إن “هذا العام استثنائي حقيقة”، مشيرا إلى أنه قد يضطر إلى “عدم اقتناء الأضحية نظرا لارتفاع الأسعار أو الاستدانة للقيام بواجبه الديني”.

وإضافة إلى ارتفاع الأسعار، فقد بدأ بعض المواطنين يتخوفون مما يسمى “التسمين الاصطناعي”، الذي يلجأ إليه بعض المربين لتسمين ماشيتهم بأعلاف مضاف إليها مواد كيميائية تسرع تضخيم حجم الخروف لتحقيق أرباح على حساب صحة المواطنين.

 

مطالبة بتدخل السلطات

طالب عدد من مربي الماشية في الجزائر بضرورة التدخل السريع من أجل وضع حد لمهنة تربية المواشي، والعمل على تنظيم التربية، وذلك من خلال وضع قوائم للمربين الحقيقيين، وطالبوا بمحاربة العمولة والاستغلال التي أصبحت محترفة من قبل بعض الأشخاص المحسوبين على القطاع، وهم بعض الأشخاص الذين يظهرون مع اقتراب الأعياد، وخاصة عيد الأضحى، وهذا من خلال شرائهم لرؤوس الماشية التي تخصص للنحر، ثم بيعها بأسعار مرتفعة جدا، وهذه الطريقة أصبحت منتشرة ومعتادة في الجزائر بشكل كبير، فضلا عن كونها أصبحت تقليدا يمارسه التجار في المناسبات. ولذلك طالب الموالون والمربون بضرورة تشديد الرقابة على الأسواق، مع معاقبة هؤلاء الأشخاص الذين اتخذوا هذه الطريقة مصدرا للتربح السريع، كما طالبوا بإقصاء الدخلاء من القطاع وفي شعبة تربية المواشي، ففي الجزائر يدّعي هؤلاء الأشخاص بأنهم يمتلكون بطاقة المربين ولكن رصيد هذه البطاقة خال من المواشي والأغنام والأبقار، فضلا عن أخذهم الشعير من الوزارة مدعم، وبيعها بأسعار خيالية.

 

تضارب في الآراء

حسب رئيس الغرفة الفلاحية الوطنية، محمد يزيد حمبلي، فإن “أسباب ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام تعود إلى الغلاء الفاحش للأعلاف الذي يعاني منه الموالون، كما قال، منذ 3 سنوات وكذا نقص الأعشاب الطبيعية، والمربي هو من يدفع الثمن”، مشيرا إلى أن حتى أنثى الخروف “النعجة” تستهلك الكثير من المصاريف، كما أن كثرة المتدخلين في سوق الماشية، وتنامي الوسطاء أيضا له دور كبير في ارتفاع أسعار الأضاحي، داعيا السلطات العمومية إلى ضرورة فتح أسواق منظمة لبيع الكباش، لكن مبرر “ارتفاع أسعار الأعلاف” ترفضه وزارة الفلاحة، إذ سبق وأكدت أن أسعار مواد تغذية الأنعام تعرف “استقرارا كبيرا”، مفندة كل التصريحات التي تتحدث عن ارتفاع أسعار مواد تغذية الأنعام، مؤكدة أن “كل تصريح مخالف من طرف الوسطاء والمضاربين ليس له أي أساس من الصحة”.

وقال حمبلي “يجب البحث عن المسببين الحقيقيين الذين يقفون وراء ارتفاع أسعار الأضاحي الذين ينتظرون موسم عيد الأضحى حتى يقوموا بامتصاص دم المواطن الجزائري، وليس الرمي بأسهم الاتهام على الموالين والمربين المغلوبين على أمرهم”.

كموال يضيف المتحدث ذاته “أرى أن تنظيم سوق الكباش وفتح نقاط بيعها في عواصم الولايات كوهران، قسنطينة، العاصمة سيجعل المربين في عملية بيع مباشرة مع المستهلك بدل تركها في يد الوسطاء وسماسرة السوق، ثانيا ضرورة إعادة النظر في أسعار الأعلاف التي تعرف هي الأخرى، كما قال، ارتفاعا نسبيا مما أعجز الموال عن تسمين ماشيته المخصصة للعيد مائة بالمائة”.

وما زاد الطين بلة، حسبه، أن الكثير من المناطق الرعوية لا يوجد بها الأعلاف بسبب الظروف المناخية القاهرة وشح الأمطار والجفاف الذي ضرب العديد من مناطق الوطن في الفترة السابقة، مطالبا السلطات المختصة بضرورة مرافقة الموال، وتوفير المراقبة الصحية للقطيع، والنظر في مشاكل المربين ومناقشة مسألة أسعار الكباش 6 أشهر قبل حلول عيد الأضحى، وكذا إيلاء العناية التامة بالقطاع والمهنة معا، عوض العمل في ظروف غير مواتية، كل هذه الظروف، كما قال، دفعت بالموال إلى رفع أسعار الأضحية لتعويض الخسارة الكبيرة التي تكبدها خلال العام.

لمياء. ب