قال تعالى: “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم”. فمن شروط التوكل على الله؛ اتخاذ الأسباب، فلم تدخر الثورة وسعا في امتلاك السلاح المتاح، تطبيقا لسياسة “اغنم سلاحك من عدوك”، واعتمادا على مساعدات الدول الشقيقة والصديقة، فضلا عن توفير المال قصد اقتنائها. وهو ما جعل الثورة ترفع من سقف عملياتها العسكرية، التي تطورت من الحرب الفجائية وسياسة الكر والفر أو حرب العصابات إلى خوض غمار المعارك النظامية ضد العدو الفرنسي. وتجلى بوضوح البعد الديني في مدى تحلي المجاهد بالثقة في النفس وكبحها عن النزوع إلى الاستكانة والضعف وذلك باستثارة المشاعر الإيمانية بالله وحب الوطن والرغبة الجامحة في الاستشهاد مع روح التضحية ونكران الذات، والمسارعة إلى نجدة إخوانه في أخطر اللحظات. كما أعطته ثقة عالية في سلاحه، مهما كان بسيطا دون أن تخيفه طائرات العدو ودباباته وأسلحته الفتاكة والمحرمة دوليا. والتزاما بالتعاليم الإسلامية في الحروب، خاضت الثورة عملياتها العسكرية وفق الضوابط الشرعية “الحرب النظيفة واجتناب اللجوء إلى العمليات الانتحارية”. كما كان للبعد الديني في الحياة الاجتماعية إبان الثورة المظفرة بقوة، حيث تميز عملها بالحرص على حماية الفقراء والمحرومين واللاجئين من حيث التموين والعلاج وتنظيم عملية التضامن والتكافل الاجتماعي، ومراقبة سلامة المعاملات التجارية، لحماية القدرة الشرائية للفرد الجزائري ومنع المضاربة والغش، واختفاء الآفات الاجتماعية. وكان دفع المنح الشهرية منظما لصالح عائلات الأسرى، ومساعدة عائلات الشهداء والعناية بأجرة معلمي القرآن الكريم والمدرسين، وقد تم تنظيم العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع الجزائري، عن طريق تكريس مبدأ الأخوة ورعاية الزواج، وتنظيم الأسرة حفاظا على التماسك العائلي ونزع فتيل الخصومات والخلافات درعا للانقسام والتشتت. ومن جهة أخرى تميز الشهداء بروح الطاعة والانقياد وتحدي العدو وآلياته العسكرية، وكيف لا يرقى الشهيد إلى هذا المستوى الرفيع من الخلق والإيمان، وهو يسمع دوما قوله الله تعالى: “إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ” التوبة.