احترام أنظمة المرور من الشريعة

احترام أنظمة المرور من الشريعة

إن حرمة دم المسلم أعظم عند الله عز وجل من زوال الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم “لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ” الترمذي. يعني:زوال الدنيا بكل ما فيها وما خلقه الله عليها، أهون عنده جل وعلا من أن يسفك دم امرئ مسلم بغير حق، وقال صلى الله عليه وسلم: “فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ” البخاري. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا” البخاري.  يعني: لا يزال المؤمن في سعة، وفي رجاء رحمة الله تعالى وعفوه ومغفرته، ما لم يصب دمًا حرامًا فإنه يضيق عليه الأمر على نحو يكون فيه أمر المغفرة والتجاوز ضيقًا عسيرًا. ومع كل هذه التحذيرات نجد الاستهانة بأرواح الناس وممتلكاتهم، وخاصة من بعض أصحاب السيارات وأصحاب الدرَّاجات النارية في الشوارع والطرقات، فتجد هناك من يستخف بأنظمة المرور التي فيها السلامة للجميع، وهناك من يمشي بسرعة جنونية ويعتبرها شطارة، وهناك من أصحاب المركبات في مناسبات الأعراس من يتسابقون فيما بينهم وبسرعة مفرطة، وهذا كله استخفاف بأرواح البشر، وإهلاك للأنفس والأموال.

فكم من أبٍ خرَج من بيته إلى عمله سليمًا معافًى ولكنه لم يعد إليه بسبب حادث مُروري! وكم من أمٍّ ودَّعت ولدها الوحيد ليذهب إلى وظيفته، ثم بعد خروجه جاءها الخبر بأنه قد توفِّي في حادث مروري! وكم من زوجة أعدَّت طعام الغداء أو العشاء لزوجها فتأخَّر عن موعد رجوعه للبيت، ثم جاءها الخبر، بأنه في المستشفى بسبب حادث مروري! وكم هي هذه الصور المؤلِمة التي قلَّما يَسلم منها بيت أو أسرة! أرأيتم كيف أصبحت السيارات من أكثر أسباب هلاك الناس، حتى إنها أحيانًا تفوق قتلى الحروب، فهل ينتبه المسلم لذلك؟!

أين نحن من أخلاق عباد الرحمن الذين يمشون بوقار وسكينة، الذين قال الله فيهم “وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ” الفرقان: 63، قال الإمام ابن كثير أَيْ: بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ. أين من أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم في ركوبه على راحلته، فعندما سار من عرفة إلى مزدلفة، ومعه ذلك الجمع الهائل من الحجيج، فكان يكبح من سرعة راحلته بشد زمامها حتى كادَ رأسها أن يلامس رحلها، وذلك خشية أن يشق على المسلمين في سيرهم، أو أن يضايق أحدًا منهم في طريقه، وكان يناديهم ويرفع يده اليمنى قائلًا: “يا أيها الناس، السكينةَ السكينةَ” مسلم. أين السكينة والوقار عند الكثير من أصحاب السيارات والدرَّاجات؟! لذلك نقول لكل من يتهوَّر ويمشي بسرعة جنونية، ولا يلتزم بأنظمة المرور، ويعرض أرواح الناس وممتلكاتهم للخطر من أصحاب السيارات والدرَّاجات النارية. اتقوا الله في أرواح الناس وممتلكاتهم، فكل من يعرض أرواح الناس وممتلكاتهم للضرر فهو آثم ولو لم يصب أحدًا، فبمجرد ترويعهم وإخافتهم فهذا أثم عظيم ومعصية كبيرة. أما إذا كنت سببًا في إزهاق الأرواح وضياع الأموال فلتعلم أنك قاتل، وأن المقتول سيأتي يوم القيامة آخذًا بتلابيب قاتله وأوداجُهُ تشخَبُ دمًا ويقف أمام الله تعالى يقول: يا رب، سل هذا فيمَ قتلني؟ سل هذا فيمَ قتلني؟ يا من تتهور وتمشي بسرعة جنونية ولا تنتبه للشارع ثم تؤدي سرعتك إلى قتل نفس، ماذا ستقول لربك غدًا؟ إذا كنت نجوت من عقاب البشر بسلطتك بمنصبك أو بجاهك أو بأموالك أو بلسانك فتذكر أن الله تعالى لا تخفى عليه خافية، يعلم خائنة الأعين وما تُخْفي الصدور، والعقاب سيكون أليمًا.

من موقع الالوكة الإسلامي