قال الله تعالى ” قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” الأنعام: 162. فكلُّ حياة المسلم عبادةٌ لله ربِّ العالمين، وما ذلك إلا بحُسْنِ نيَّتِه؛ ﻷنَّ وقتَه إمَّا عبادةٌ محضَةٌ؛ كصلاةٍ، وقراءةِ قرآن، أو وقت يستعِينُ به على عبادةٍ؛ كأن ينامَ أو يأكلَ ليقوَى بذلك على عبادةِ ربِّه. كان بعضُ الأئمة يقول: إني أُحِبُّ أن يكونَ لي نيَّةُ في كلِّ شيءٍ، حتى في نومِي وأكلِي وشربِي. فهل خطرَ لك يومًا أنَّ ساعاتِ نومِك قد تكونُ عبادةً من أفضلِ العباداتِ؟ هل رأيتَ موظفًا في هذه الدنيا يأخذُ أجرًا على ساعاتِ نومِه؟ والله لم يحدث هذا في تاريخِ البشرية فيما نعلم، لكنَّ الله عز وجل يعطي عبادَه أجرًا حتى وهم نائمون، وهم يأكلون، وهم يلعبون؟. إنَّ ساعاتِ النومِ قد تكونُ حسناتٍ، وقد تكون سيئاتٍ؛ فالذي ينام على طاعةٍ، قد نوى أنْ يقومَ لصلاةِ الفجر، هذا نومه عبادةٌ لله تعالى ولا ريب. وأما الذي نام على معصيَّة الله تعالى، ولم ينو القيام لصلاة الفجر، بل نوى أن يقوم بعد طلوعِ الشمس ليذهبَ للعمل، فهذا نومُه معصيَةٌ لله عزَّ وجلَّ. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: “عجبْتُ للمسلم إذا أصابَه خيرٌ حمِدَ الله وشكرَ، وإذا أصابتْه مصيبةٌ احتسبَ وصبَرَ، المسلمُ يُؤجَرُ في كل شيءٍ حتى في اللقمةَ يرفعُها إلى فِيه” النسائي. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لسعدٍ: “إنَّك لن تنفِقَ نفقةً تبتغِي بها وجه الله عزَّ وجلَّ إلا أُجِرْتَ بها، حتى ما تجعَلُ في فَمِ امرأتِك” . وعن أبي ذر رضي الله عنه، أنَّ ناسًا من أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ الله، ذهبَ أهلُ الدُّثُورِ بالأجورِ، يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصومُ، ويتصدَّقون بفُضولِ أموالِهم، قال: “أوليس قد جَعلَ الله لكم ما تصدَّقون؟ إنَّ بكلِّ تسبيحةٍ صدقةٌ، وكلُّ تكبيرةٍ صدقةٌ، وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ، وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروفِ صدقةٌ، ونهيٌ عن منكرٍ صدقةٌ، وفي بُضْعِ أحدِكم صدقةُ”. قالوا: يا رسولَ الله! أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكونُ له فيها أجرٌ؟ قال: “أرأيتُم لو وضعَها في حرامٍ أكان عليه فيها وزرٌ؟ فكذلك إذا وضعَها في الحلالِ كان له أجرٌ”. مسلم.
موقع إسلام أون لاين