عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنهُ قالَ : قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ “اتَّقِ اللَّهَ حيثُما كنتَ وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها وخالِقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ” رواه الترمذي، وفي “اتقِ الله حيثما كنت” قاعدة عظيمة على المسلم إتباعها تتمثّل في الآتي:
– يُوصي الحديث بالتقوى، وهذه الوصية تجمع لحقوق الله تعالى وحقوق خلقه معاً، وأعظم التقوى هي اتقّاء سخط وغضب الله، أمّا حقيقة التقوى فهي أن يجعل الإنسان بينه وبين ما يخافه وقاية تحميه منه، أي أنّ تقوى الله هي أن يجعل العبد بينه وبين غضب الله أقوالاً وأفعالاً تقيه من ذلك، وتشمل التقوى التزام أوامر الله سبحانه، والابتعاد عن المحرّمات والشبهات، وفعل ما نُدب أو سنّ فعله، وترك ما كُره من ذلك، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أرسل أميراً على سرية أوصاه بأن يتقّي الله في نفسه ومن معه من المسلمين.
– يعتبر كمال التقوى هو أن يترك العبد شيئاً مما لا شكّ في إباحته خشية الوقوع في أمر فيه شكٌ في إباحته، بحيث يجعل جزءاً من المباح سياجاً ووقايةً من الوقوع في الحرام، وهذا يشتمل جميع أبواب الدين، والتي منها باب الأموال، والفروج، ومعاملة النّاس أو الخلق، والولايات، والإتباع، والابتداع، ومن الجدير بالذكر أنّ ما يُعين على ذلك هو طلب التفقّه في الدين؛ وذلك لأنّ التقوى تحدث بمعرفة ما يجب أن يتقّى؛ والتي تحتاج إلى دراية وعلم.
– اتقاء الإنسان لله في السرّ والعلانية، وفي المكان الذي يراه الخلق والمكان الذي لا يرونه، أمّا السبب الموجب لخشية الله في السرّ هو أنّ العبد يعلم أنّ الله يراه أينما كان، وأنّه سبحانه يطّلع على ظاهره وباطنه وسرّه وعلانيته، وقد ذكرت الكثير من الأحاديث أهمية خشية الله والورع في الخلوة، كما أنّ تقوى الله في السرّ إحدى علامات كمال الإيمان، ولها الأثر العظيم في انشراح الصدر، وطمأنينة القلب وراحة النفس.