اتق الله حيثما كنت

اتق الله حيثما كنت

 

جاء في حديث معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاه، فقال: “اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِع السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ الناس بِخُلُقٍ حَسَنٍ” رواه الترمذي. لقد تضمَّن هذا الحديث الشريف والذي هو من جوامع الكلم عدة وصايا نافعة للمسلم في دينه وأُخراه، من تمسَّك بها وعمِل بها سعِد في دينه ودنياه، أولى هذه الوصايا:

الوصية بالتقوى وهي وصية الله للأولين والآخرين من الأنبياء والمرسلين، والناس أجمعين إلى يوم الدين، وقد دل على ذلك القرآن والسنة؛ قال تعالى: “وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ” النساء: 131، وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ” آل عمران: 102. ومعنى التقوى كما قال علمائنا الإجِلاَّء هو أن تجعل بينك وبين عقاب الله وعذابه وقاية، ويكون ذلك بفعل المأمورات والمستحبات، وترك المنهيات والمكروهات، وكلما ازداد المسلم من زاد التقوى، ازداد رصيده من فعل الحسنات، ومجانبة السيئات، حتى إنه ليدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس.

ومن حقق التقوى جعل له من أمره يسرًا، ورزقه من حيث لا يحتسب؛ قال تعالى: “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ” الطلاق: 2، 3، وقال تعالى: “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ” الطلاق: 5. ومن لزم التقوى رزَقه الله الحياة المطمئنة السعيدة، وانقلبت المحنة في حقه منحة، والبلايا عطايا، والحال ينطبق على الأمم كما ينطبق على الأفراد؛ قال تعالى: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ” الأعراف: 96.