لقد أنزل الله شريعته كاملة في أخلاقها، وفي تشريعها، وفي أحكامها؛ آمرةً بكل فضيلة ناهيةً عن كل رذيلة، وكان مما أرشدت إليه النظافة والتطهر؛ قال تعالى ” إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ” البقرة: 222، وهذا الوصف يشمل التطهر الحسي من الأنجاس والأحداث. وندب الدين الحنيف إلى استعمال الطِّيب، وأمر باجتلاب الرائحة الطيبة، واجتناب الرائحة الكريهة. يقول أنس واصفًا رائحته صلى الله عليه وسلم: “ما شَمَمْتُ عنبرًا قط ولا مِسْكًا، ولا شيئًا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم” رواه مسلم، ومن عادته صلى الله عليه وسلم ألَّا يردَّ طِيبًا. ويظهر كرم الطيب والرائحة الحسنة في الدين؛ في أمور:
الأول: جاءت الشريعة بجلب المنافع للخَلق، ودفع المضار عنهم؛ فكانت الرائحة الرديئة مكروهةً شرعًا؛ وذلك لأنها تضر بالروح وتحبها الشياطين، عكس الملائكة؛ فإنها تحب الرائحة الطيبة.
الثاني: نهت الشريعة عن إتيان المساجد لمن أكل ثومًا أو بصلًا، وذُكرت العلة منصوصةً في ذلك وهي تأذِّي الملائكة والناس، وقاس بعض الفقهاء سائر الروائح الخبيثة عليه.
الثالث: تعدُّد ذكر ما يستعمل طيْبًا في نصوص الوحيين؛ وذلك لفضله؛ ومنه: الريحان، والإذخر، والمسك، والكافور، والعنبر، والذَريرة، والزعفران.
الرابع: أن في الطيب من الخاصية أن الملائكة تحبه، والشياطين تنفر عنه، وأحب شيء إلى الشيطان الرائحة المنتنة والكريهة.
الخامس: أن الله جعله من نعيم أهل الجنة في عدد من آيات الكتاب؛ فقد أشهد سبحانه عباده في هذه الدار آثارًا من أثار الجنة، وأنموذجًا منها من الرائحة الطيبة، واللذات المشتهاة، والمناظر البهية، والفاكهة الحسنة، والنعيم والسرور، وقرة العين.
موقع إسلام أون لاين