إن الله هو الرزاق الكريم

إن الله هو الرزاق الكريم

لكلِّ إنسانٍ على وجه البسيطة رزقٌ خصَّه الله عز وجل به؛ قد يكون رزقًا ماديًّا، وقد يكون رزقًا معنويًّا، إنها عطايا الله ومِنَّتُه التي جاد بها علينا، والتي علينا دائمًا أن نسجد لله شكرًا عليها، فمعظم الناس يعتقدون أن الرزق هو أن يكون لديك دخل مادي جيد فقط، وهذا اعتقاد خاطئ تمامًا؛ فنحن لا نعلم ماذا سيرزقنا الله، وكيف سيرزقنا، وكم سيرزقنا. فالرزق هو عطاء الله وهِبَتُه من كل ما تهواه نفسك وما ينتفع به الإنسان، وهو نوعان: رزق يقوم به البدن، ورزق يقوم به الدين، والله تعالى يرزقنا أمورًا كثيرة قد لا نتنبَّه إليها، لكننا قد نجد فيها خيرًا كثيرًا، وبعضها نُلحُّ بالدعاء بحرقة للحصول عليها ولا نفتر عن ذلك. قد يكون زوجة صالحة، زوجًا صالحًا، وظيفة مناسبة كنتَ تحلم بالحصول عليها، أو أبناء صالحين دعوتَ الله كثيرًا لهدايتهم، فالله سبحانه يرزقك من حيث لا تحتسب، فلا تتعجل أبدًا واصبر على رزقك، وأَحسِن الظنَّ بالله؛ فهو سبحانه من بيده الرزق؛ كما قال تعالى في سورة الأعراف ” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ” الأعراف: 96.

عندما تذنب ويمنُّ الله عليك بالتوبة فهي رزق، عندما يمتلئ قلبك بحبِّ الله وتغمرك مشاعر اللذة والطمأنينة فهي رزق، والعافية التي تتمتع بها رزق. واعلم أن سعة الرزق والعمل ليست بكثرته، ولا طول العمر بكثرة الشهور والأعوام، ولكن سعة الرزق والعمر بالبركة فيه؛ كما قال ابن القيم: “يا مستفتحًا بابَ المعاش بغير إقليد التقوى، كيف تُوسِّع طريق الخطايا وتشكو ضيق الرزق”. فالصحبة الصالحة في الدنيا من أعظم الأرزاق؛ لأنها تعينك على طاعة الله، وتأخذ بيدك إلى طريق الخير والجِنان، فهي والله النعيم المُعجَّل في الدنيا. فإذا أردت السعادة، فلا تنظر لمن قُسم له أكثر منك، بل لمن قُسم له أقل. فالرزق مقسوم، ومن وضع تقوى الله نصب عينيه، وسأل الله بإخلاص وصدق، سيأتيه رزقه لا محالة. وارضَ بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس، الله سبحانه وتعالى حتى الطيور المغردة في جوف السماء يهب لها رزقها، ولكن رزقها لا يصلها إلى العش بل تذهب للبحث عنه. رزقُنا بين يدي من خلقنا فأحسن خَلْقَنا، وجمَّلنا بلباس البر والتقوى، فلا تتعب نفسك وتلهث وراء سراب قد لا يأتيك، واعلم أن كل شيء مكتوب، وما قسمه الله لك سيأتيك فلا تعجل.