إنَّ مِنَ البيانِ لَسِحرًا

إنَّ مِنَ البيانِ لَسِحرًا

الكلمةُ ساحرةٌ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ مِنَ البيانِ لَسِحرًا”؛ رواه الإمام البخاري في ‏‏صحيحه‏‏ ‏من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. بالكلمة يرتقي الإنسان وبها يسقط ويهوي؛ ففي حديث معاذٍ في شرائع الإسلام، الذي جاء في آخره بعد أن عدَّد الرسول صلى الله عليه وسلم له شرائعَ الإسلام قوله له: “ألا أخبرك بملاك ذلك كلِّه؟”، قلتُ: “بلى يا نبي الله”، فأخذ بلسانه فقال: “كُفَّ عليك هذا”، فقلت: “يا نبي الله، وإنا لمؤاخَذون بما نتكلَّم به؟!”، فقال: “ثَكِلتْك أمُّك يا معاذ، وهل يكُبُّ الناسَ في النَّارِ على وجوههم – أو على مناخرِهم – إلا حصائدُ ألسنتِهم” رواه الترمذي. إن الكلمة مؤشر عميق لمعرفة الشخصية؛ فبالكلمة تستطيع أن تعرفَ ثِقَلَ صاحبها ومقامَه وقدرَه؛ أي: تستطيع أن تعرف أصاحبُها عاقلٌ أم مجنون؟ أمتعلم أم جاهل؟ أذكي أم أحمق؟ ذو رأي أم إمَّعة؟ يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “أظلُّ أهاب الرجل حتى يتكلَّم، فإن تكلَّم سقط من عيني، أو رفع نفسه عندي”، ويقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “المرء مخبوءٌ تحت لسانه”، قال تعالى: ” وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ” الإسراء: 53، وهكذا، فبالكلمة تَكسِب قلوبَ الناس، وبالكلمة تخسر الناس. والله عز وجل يأمرنا بأن نقول كلامًا طيِّبًا للناس جميعًا، بغضِّ النظر عن الدين أو الجنس أو اللَّون؛ قال تعالى: ” وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ” البقرة: 83، والقول الحسن هو القول اللَّيِّن اللطيف الخالي من الغلظة والشدة، وما كان الرِّفق في شيءٍ إلا زانه، وما خلا من شيء إلا شانه، والله سبحانه وتعالى يقول لنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم: ” وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ” آل عمران: 159. مما سبق يتضح أنه يجب على كل مسلم أن يختارَ كلماتِه بعناية شديدة؛ أي: يختار من الكلام أحسنَه وأعذبَه وأطيبه، وعليه أن يبتعدَ عن أقبحِه وأغلظه وأخبثه؛ كي لا يجرحَ الآخرين ولا يُؤذيَهم؛ فأذيَّةُ المسلم حرامٌ، بل أذية الإنسان لا تجوز، والكلام الحسن كله خير والخير كله حسن.

 

من موقع وزارة الشؤون الدينية