لقد فتحت مشاركة جبهة التحرير الوطني في مؤتمر باندونغ أفريل 1955، أبواب القارة الآسيوية أمام النشاط الديبلوماسي لوفود الجبهة بالمنطقة، حيث سارعت إلى أنشاء مكاتب لها بأهم دول المنطقة حيث شكلت كل من أندونيسيا الهند و اليابان الدول المحورية في النشاط الديبلوماسي للجبهة في المنطقة الأسيوية. فالأولى و الثانية أند ونسيا و الهند قوى هامة في الكتلة الآفروآسيوية و الثالثة اليابان عانت من قمع الالة العسكرية الغربية بفعل تعرضها إلى القصف بالقنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية من طرف الولايات المتحدة و الأمريكية.
فبالنسبة لإندونيسيا فقد فتحت أبوابها للنشاط الدعائي و الإعلامي لجبهة التحرير من خلال السماح لها بإنشاء مكتب لها بالعاصمة جاكارتا، كما قدمت الهبات و المساعدات للاجئين الجزائريين، و كانت من أوائل الدول التي اعترفت بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في 27 سبتمبر 1958، و برغم الضغوط و التهديدات الفرنسية لها لم تتراجع عن اعترافها بها و عن برمجة زيارة لرئيسها السيد فرحات عباس إليها في خريف 1959، بل و أكدت دعمها و موقفها المبدئي الصارم بمنحها هبة مالية ثانية بعد تلك التي منحتها للثورة و المقدرة بـ: خمس مائة ألف (500.000) دولار في مارس 1958.
و انطلاقا من أندونيسيا عمل السيد لخضر إبراهيمي مسؤول مكتب جاكارتا على توسيع مجالات اتصالاته بالدول المجاورة مثل ماليزيا التي وعدت ممثل الجزائر بالتدخل لدى حكومات الفلبين و اليابان بقصد تسهيل نشاط الجبهة بهما، والحصول منها على مواقف مؤيدة في الأمم المتحدة.
اما بخصوص الهند فقد دعمت القضية الجزائرية بفضل زعيمها جواهر لال نهرو الذي عرف بتضامنه مع حركات التحرر العالمية، وسيتطور دعم الهند للثورة التحريرية بدءا من سنة 1958 حيث استطاع الشهيد توفيق بوعنورة و السيد شريف قلال أن يفتحا مكتبا لجبهة التحرير في نيودلهي، و سيكلل هذا المسعى بنجاح خلال دورة حزب المؤتمر الحاكم الذي جرت أشغاله في جانفي 1959، حيث تمكن ممثل الجبهة من الالتقاء عدة مرات مع مسؤولين سامين في وزارة الخارجية الهندية، و سيتعزز موقف الهند تزامنا مع اغتيال النقابي الجزائري عيسات ايدير مؤسس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، حيث شهدت حركة احتجاجات في أوت 1959. كما اتخذ السيد شريف قلال من الهند مركزا لنسج اتصالات مع زعماء العالم الثالث الذين كانوا يفدون إليها.
فيما تعتبر جمهورية الصين الشعبية من أوائل الدول الاشتراكية التي سارعت إلى مساندة الثورة الجزائرية و الاعتراف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سنة 1958، ثم مبادرتها بتقديم دعوة رسمية لزيارتها، و هو ما أتاح للوفد الجزائري، التشكل من السيدين بن يوسف بن خدة و محمود شريف خلال شهري نوفمبر و ديسمبر 1958. فرصة التحادث مع الزعيم الصيني ماوتسيتونغ، و قد أعطت هذه الزيارة دفعا قويا للعلاقات الجزائرية الصينية، و عند تقييمها لأهمية الحدث اعتبرت جريدة المجاهد الزيارة “طورا جديدا في تاريخ علاقاتنا الدولية مع الخارج.
ثم زيارة البعثة العسكرية الجزائرية إلى الصين بقيادة كاتب الدولة عمر أو صديق، و التي تشكلت من تسعة ضباط، و هي زيارة جاءت تلبية لدعوة رسمية باسم الحكومة الصينية من نائب رئيس الحكومة و زير الدفاع يوم 30 مارس 1959، و دامت أسبوعين كاملين، درست خلالها تجارب قادة الصين و جيشها و شعبها في الحرب الثورية التي خاضها الشعب الصيني ضد الاستعمار و إمكانية الاستفادة من خبرات القادة الصينيين و تجاربهم في تطوير الكفاح الثوري الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي”.
لم جاءت الزيارة الثانية للسيد بن يوسف بنن خدة في أكتوبر 1959 لضبط حاجيات جيش التحرير الوطني وطرق التموين و الإمداد.