الجزائر- يطوي الجزائريون، آخر أيام سنة 2017، التي كانت مليئة بالأحداث والإنجازات على المستوى السياسي والوطني على أكثر من صعيد، لاسيما على الصعيد الأمني والاستقرار، وكذا تكريس الممارسات الدستورية على مستوى المؤسسات.
في هذا الملف نرصد أهم الأحداث التي شغلت الرأي العام الوطني طيلة أيام سنة 2017، على أمل أن تتحسن أحوال المواطنين خلال السنة المقبلة 2018.
الجدل حول مرض الرئيس يتراجع

احتفل رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في شهر مارس 2017 بعيد ميلاده الثمانين، ولم يغادر طيلة السنة الجزائر للعلاج في الخارج، حيث كانت آخر رحلة علاجية له إلى الخارج في نوفمبر 2016.
واستمر الرئيس في الظهور من حين لآخر سواء لرئاسة مجالس الوزراء أو لأداء واجبه الانتخابي في التشريعيات ثم في المحليات، إضافة إلى استقبال بعض الشخصيات السياسية الجزائرية والأجنبية.
وفي فيفري 2017، أصيب رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بوعكة صحية (التهاب رئوي) منعه من استقبال المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي كانت مبرمجة زيارتها إلى الجزائر، بحسب بيان للرئاسة.
ورغم أنه تم التأكيد أن “الزيارة ستبرمج من جديد في تاريخ يحدده الطرفان لاحقا” إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث. كما تم تأجيل زيارة للرئيس الإيراني، حسن روحاني، للجزائر في 12 مارس بطلب من طهران.
وأصيب الرئيس بوعكة صحية عام 2013، وقضى فترة علاج طويلة بفرنسا، (88 يوما)، دفع السلطات إلى الحرص على نشر أخبار سفرياته بغرض العلاج.
وبعد يومين من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى الجزائر، أكد الوزير الأول أحمد أويحيى من باريس، أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة “بصحة جيدة” و”يسير البلد بشكل جيد”.
وخلال لقائه بمقر سفارة الجزائر بفرنسا مع الجالية الجزائرية بمناسبة تواجده بالعاصمة الفرنسية في إطار انعقاد الدورة الـرابعة للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى، قال أويحيى إنه “فيما يخص أخبار البلد فإني أقول لكم إن رئيس جمهوريتنا عبد العزيز بوتفليقة بصحة جيدة وندعو الله أن يطيل في عمره ويمده بالصحة الجيدة”، مضيفا “حقيقة، أن رئيسنا لم يعد يملك كل الحيوية التي كان عليها عند لقائكم به في سنة 2000 و 2004 هنا بفرنسا لكن وعكس كل الشائعات والدعايات التي يروجها البعض سواء من الجزائر أو من الخارج فإن رئيسنا يسير البلد بشكل جيد في شتى المجالات ولا يوجد لا ديوان أسود ولا سلطة خفية في الجزائر”.
كما أدلى وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، بتصريحات على أمواج إذاعة “فرانس إنتار” الفرنسية، قال فيها إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة “في كامل قواه الفكرية وإن كان متعبا من الناحية البدنية، وذلك قد يحدث في سن معينة، لكنه في صحة جيدة وتحادث مطولا مع نظيره الفرنسي”.
سلال يغادر بعد 5 حكومات

أبرز حدث عرفته سنة 2017 كان إنهاء مهام الوزير الأول، عبد المالك سلال، في 25 ماي، وهو الذي ترأس خمس حكومات منذ تعيينه في 2012، وعيّن مكانه عبد المجيد تبون الذي كان يحمل حقيبة وزارة السكن وقتها.
وترأس عبد المالك سلال خمس حكومات منذ تعيينه في 2012 وشكل عدم تجديد الثقة فيه، مفاجأة باعتبار أنه قاد المشاورات مع الأحزاب لتشكيل الحكومة الجديدة، بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في الرابع من ماي.
واحتل تبون (71 سنة) المشهد الإعلامي منذ عدة سنوات لارتباطه بقطاع السكن، أهم قطاع بالنسبة للجزائريين الذي أداره لأكثر من سبع سنوات في حكومات مختلفة، غير أن بقاءه في الوزارة الأولى دام شهرين و20 يوما فقط.
وشكل تكليف تبون تأليف حكومة جديدة مفاجأة في ذلك الوقت، إذ لم تكن إزاحة الوزير الأول، عبد المالك سلال “الرجل الوفي” لبوتفليقة متوقعة.
تبون يغادر وأويحيى يعود من جديد


وفي 15 أوت أعلنت الرئاسة في بيان إقالة الوزير الأول، عبد المجيد تبون من منصبه وتعيين مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى خلفا له، بسبب ما وصفته مصادر آنذاك بأن “رؤية تبون لم تكن متوافقة مع رؤية الرئيس”، مشيرة أيضا إلى مشاكل في “التواصل” بين الرجلين.
وتحدثت وسائل الإعلام الخاصة وقتها عن رسالة “شديدة” اللهجة وجهها بوتفليقة لرئيس وزرائه، منتقدا فيها خصوصا الإجراءات الأخيرة للحد من استيراد العديد من المنتجات. وذكرت أن تبون “حاول المساس بمصالح” بعض المنتمين إلى “الطبقة الأوليغارشية” المحيطة بالرئيس.
ولم تقتصر السرعة على تنحية عبد المجيد تبون من الوزارة الأولى، بل في سابقة في تاريخ الجزائر، حيث تم تعيين وزير لمدة ثلاثة أيام فقط ويتعلق الأمر بمسعود بن عقون الذي تم تعيينه وزيرا للسياحة في حكومة تبون، لتتم تنحيته من المنصب في تغيير حكومي.
وكان تعيين الوزير الشاب (38 سنة) عرف عشرات التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، كما وصفته بعض الصحف بـ”الوزير البطال” بما أنه لم يشغل أي منصب من قبل.
تشريعيات ومحليات دون تغيير

أفضت الانتخابات التشريعية التي تم إجراؤها في 4 ماي 2017 إلى تشكيلة جديدة للمجلس الشعبي الوطني بتقلص الفارق بين أهم حزبين وهما جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، حيث تحصل الحزب العتيد على أكبر عدد من المقاعد أي 164 مقعد مقابل 208 في تشريعيات 2012، أما حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يحمل مقاربة أكثر ليبرالية على الصعيد الاقتصادي فيمثله في الغرفة السفلى للبرلمان 100 نائب مقابل 68 في التشريعيات السابقة.
وإضافة إلى جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، تشمل الأغلبية البرلمانية حزب تجمع أمل الجزائر (تاج 20 نائبا) والحركة الشعبية الجزائرية (13 نائبا).
وقد ضمنت هذه الأغلبية للحكومة خلال الفترة التشريعية (2012-2017) استقرارا سمح بالمصادقة على مشاريع قوانين وتنسيقا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ولم تأت الانتخابات المحلية التي أجريت في 23 نوفمبر 2017، بنتائج غير متوقعة بل استمر حزبا السلطة حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي في الاستحواذ على أكبر عدد من المجالس المحلية مع إعادة رسم معالم المشهد السياسي في ضوء بروز تشكيلات جديدة.
ومن مجموع 1541 مجلس شعبي بلدي على المستوى الوطني فاز حزب جبهة التحرير الوطني بأغلبية الأصوات على مستوى 603 بلدية فيما تحصل التجمع الوطني الديمقراطي على 451 مجلس. أما بالنسبة للمجالس الشعبية الولائية فقد فازت التشكيلتان على التوالي بـ 711 و527 مقعد من مجموع 2004، وأحدثت جبهة المستقبل (14 نائبا على مستوى المجلس الشعبي الوطني) المفاجأة بفوزها بـ 71 بلدية، أما أقدم حزب في الجزائر وهو جبهة القوى الاشتراكية (14 نائبا بالمجلس الشعبي الوطني) ففاز بـ 64 بلدية.
مساهل يدشن فصلا جديدا في علاقات الجزائر بالمغرب

في 20 أكتوبر، شن وزير الخارجية، عبد القادر مساهل، هجوما مفاجئا على المملكة المغربية، وتسببت تصريحات أدلى بها بمناسبة انعقاد الجامعة الصيفية لمنتدى رؤساء المؤسسات بخصوص قيام بنوك مغربية بتبييض أموال المخدرات ـ الحشيش ـ في الدول الأفريقية، بحسب ما نقله إليه رؤساء أفارقة، في توتر أكبر في العلاقات بين البلدين، خصوصا أنها المرة الأولى التي يهاجم فيها وزير الخارجية المغرب بهذه الطريقة.
إقليميا، تمسكت الجزائر بمواقفها المعهودة تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وواصلت مساعي الوساطة لحل الأزمات في كل من مالي وليبيا، ونأت بنفسها عن مختلف الضغوط للانخراط عسكريا.
وقاد وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل جولة إلى الشرق الأوسط، زار فيها المملكة العربية السعودية ومصر وسلطنة عمان والبحرين وقطر والكويت والأردن والعراق، حاول فيها تقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة الخليجية والاطلاع عن كثب على طبيعة الأزمة.
مصافحة أويحيى ومحمد السادس لإذابة الجليد

أشعلت صور ومشاهد مصافحة بين الوزير الأول، أحمد أويحيى، والملك المغربي محمد السادس، في 29 نوفمبر 2017، مواقع التواصل الاجتماعي في البلدين، واعتبرت خطوة لإعادة الدفء للعلاقات بينهما.
وصافح أحمد أويحيى العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال القمة الإفريقية الأوروبية في ساحل العاج، في خطوة مفاجئة، قبل التوجه إلى مكانه لأخذ صورة تذكارية للقادة الأفارقة والأوروبيين المشاركين.
وكشف أويحيى، بعدها عن فحوى ما دار بينه وبين العاهل المغربي الملك محمد السادس، أنه “أبلغ الملك المغربي تحياته وتحيات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأن هذا أمر طبيعي بين الجيران”، داعيا الصحافي المغربي الذي سأله بإبلاغ سلام الشعب الجزائري إلى الشعب المغربي.
وانقسم الكثير من الصحافيين والمعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي من الجزائريين بخصوص تلك الصورة، ففيما اعتبر بعضهم ذهاب أويحيى لمصافحة الملك المغربي أمرا عاديا، خاصة أن العلاقات بين البلدين قائمة، حتى وإن كان هناك بعض التوتر بينهما، وأن الملك لم يتأخر في مصافحة الوزير الأول، وتبادل بعض الكلمات معه، رأى فريق ثان أن أويحيى كان عليه ألا يذهب هو بنفسه إلى الملك المغربي، وأن هذا الأخير لما انتبه إلى أن الوزير الأول، يقترب منه ووقف أمامه، واصل الحديث لبرهة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل أن يمد أويحيى يده لمصافحة.
ماكرون في الجزائر.. زيارة وخيبة أمل

أجرى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في 6 ديسمبر 2017، زيارة أثارت اهتمام الشباب الجزائري، خاصةً بعد الموقف اللافت للانتباه الذي تعرض له ماكرون بجامعة واغادوغو في بوركينا فاسو.
وإلى جانب مسألة التأشيرات وحرية دخول الأفراد للمنطقة الأوروبية، وهو الموضوع المفضل لدى الجزائريين، خاصة الباحثين منهم عن الهجرة لإيجاد فرص أفضل- برزت قضية الذاكرة والماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر.
وكعادة الرؤساء الفرنسيين، فضل إيمانويل ماكرون الخطاب المعهود الذي دأب على إلقائه وهو ضرورة النظر إلى المستقبل في العلاقات بين الجزائر وفرنسا، ولم تحصل الجزائر سوى على اتفاق مبدئي لاسترجاع جماجم المقاومين الجزائريين المتواجدة في متحف باريس، وسقطت مطالب وزير المجاهدين الطيب زيتوني في الماء.
احتجاجات أمازيغية واستجابة حكومية

خرجت، بداية ديسمبر، في عدد من المدن، احتجاجات شعبية، تنديدا بقرار البرلمان رفض ترقية اللغة الأمازيغية وتدريسها في المدارس العمومية والخاصة والتنصيص على ذلك في قانون المالية 2018.
وجاءت الاحتجاجات، على خلفية رفض الأغلبية في البرلمان، في نوفمبر، مشروع قانون ينّص على أن تسهر الدولة على تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في كل المدارس العمومية والخاصة بصفة تدريجية، باعتبار أن السلطات تبذل جهودا معتبرة في مجال تدريس هذه اللغة، فضلا عن وجود هيئة تتولّى مهمة تطوير وترقية اللغة الأمازيغية.
وعملت السلطة على احتواء الوضع بإقرار يوم 12 يناير يوما وطنيا وعطلة مدفوعة الأجر، إضافة إلى إنشاء إكاديمية وطنية لترقية اللغة الأمازيغية.
المركزية النقابية تحتضن الثلاثية الـ21

انعقدت في الجزائر أشغال اجتماع الثلاثية حول ميثاق شراكة الشركات بحضور الوزير الأول، أحمد أويحيى والأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل.
وتوج الاجتماع بالتوقيع على ميثاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في حدثٍ غير مسبوق، جمع الوزير الأول، أحمد أويحيى، برئيس منتدى رؤساء المؤسسات، علي حداد، وأمين الاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد.
وناقشت الدورة رقم 21 للثلاثية، التي كان يفترض عقدها في 23 سبتمبر الماضي بولاية غرداية، والتي تقرر تأجيلها في نهاية أوت إثر التغيير الحكومي الذي أجراه الرئيس بوتفليقة واستخلف فيه عبد المجيد تبون الذي أبعد من الحكومة بأحمد أويحيى، عديد الملفات الاقتصادية والاجتماعية.
الجزائر تطلق قمرا صناعيا من الصين

في 10 ديسمبر، أعلنت الجزائر، إطلاق أول قمر صناعي موجه للاتصالات السلكية واللاسلكية والبث الإذاعي والتلفزيوني والإنترنت من قاعدة فضائية في الصين.
ووصف خبراء جزائريون الخطوة بـ “الإستراتيجية في مجال الاتصالات والبث الإذاعي والتلفزيوني”.
ورغم أن البيانات الرسمية لم تكشف عن أي خدمات “أمنية” يؤديها القمر المذكور، إلا أن الخبير الأمني الجزائري، أحمد ميزاب، قال في تصريحات صحفية بأن “القمر الاصطناعي سيتكفل بمهمات مراقبة الخرائط وتسهيل مراقبة الحدود الوطنية وحماية الاتصالات، ما يؤمن امتيازات للجيش الجزائري”.
وقف نهائي لرخص الاستيراد

قررت الحكومة، في 19 ديسمبر، إلغاء نظام رخص الاستيراد، الذي أقر بداية 2016، باستثناء استيراد السيارات الذي سيبقى خاضعا لنظام الرخص بشكل استثنائي لتلبية الطلبات في السوق في حال تجاوزها قدرة المنتجين المحليين للسيارات، كما تم إقرار تدابير لضبط الواردات منها فرض ضريبة على الاستهلاك الداخلي لبعض المنتجات المستوردة.
وستسمح الحكومة للمتعاملين باستيراد كل المنتوجات، باستثناء المواد الممنوعة والتي تم تحديدها بمرسوم تنفيذي سيصدر قريبا في الجريدة الرسمية. وبرغم إقرار هذا النظام بداية 2016، فإن قيمة الواردات هذه السنة لم تتراجع سوى بملياري دولار إلى 45 مليار دولار في 2017 مقابل 47 مليار دولار العام الماضي، مع تسجيل عجز تجاري يقدر بـ 10 ملايير دولار.
قانون المالية 2018.. رسوم إضافية

مرّ قانون المالية 2018 على غرفتي البرلمان، دون حرج رغم رفض نواب المعارضة للمشروع جملة وتفصيلا، إلا أن أغلبية الموالاة ضمنت مروره دون أية تعديلات تذكر تقريبا.
وتضمن القانون الذي سيدخل حيز التنفيذ مطلع 2018، زيادات في بعض الضرائب والأسعار، على العديد من المنتجات والخدمات خصوصا البنزين والكهرباء، ومنتجات التبغ والمشروبات الكحولية، والمكالمات الهاتفية، كما تضمن غرامات على الأراضي غير المستغلة.
بالموازاة مع ذلك، تم إسقاط الضريبة على الثروة التي دعت إليها حكومة أويحيى من خلال مسودة القانون، حيث قامت اللجنة المالية بالمجلس الوطني الشعبي، بإسقاط مقترح الحكومة فرض ضريبة على الثروة في الجزائر. وبررت القرار بعدم جاهزية السلطات الضريبية لتطبيقها، في ظل تخلف النظام الجبائي الجزائري، برغم وعود الحكومة بإصدار النصوص التنظيمية في أقرب الآجال.
وحاول وزير المالية، عبد الرحمان راوية نفي تدخل “مجموعات ضغط مالية” لإسقاط مضمون المادة، معتبراً أن “النواب أسياد قرارهم”!