إقامة العدل في حياتنا

إقامة العدل في حياتنا

ما خلق الله السماوات والأرض، ولا أنزل الكتب ولا أرسل الرسل، إلا لإقامة العدل؛ قال تعالى: ” لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ” الحديد: 25، قال الإمام السعدي في تفسيره “وَالْمِيزَانَ”، وهو العدل في الأقوال والأفعال، والدين الذي جاءت به الرسل، كله عدل وقسط في الأوامر والنواهي وفي معاملات الخلق، وفي الجنايات والقصاص والحدود والمواريث وغير ذلك، وذلك “لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ” قيامًا بدين الله، وتحصيلًا لمصالحهم التي لا يُمكن حصرها وعدها، وهذا دليل على أن الرسل متفقون في قاعدة الشرع، وهو القيام بالقسط، وإن اختلفت أنواع العدل، بحسب الأزمنة والأحوال. وبتطبيق العدل في حياتنا نحقِّق ما أراده الله منا وتنالنا محبته سبحانه؛ قال تعالى: “وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ” الحجرات: 9، ونحن مأمورون بتطبيق العدل في أقوالنا وأفعالنا في توحيدنا لربنا؛ لأنه لا ظلم أكبر من ظلم الشرك ومأمورون بتطبيقه في معاملة الناس أجمعين.

قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ” النحل: 90، ومن تطبيقات العدل في حياتنا العدل في الأولاد والعدل بين الزوجات والعدل في الحكم، ولو كان ذا قربى والعدل في الحكم بين الآخرين من غير مِلتنا والعدل في معاملاتهم، أما العدل بين الأولاد، فأحسن ما يستدل به عليه حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “إني نَحَلْتُ -أعطيت- ابني هذا غلامًا كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَكُلَّ ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه”، فكم أدى التفريق في المعاملة المادية والمعنوية بين الأبناء إلى مفاسد ومآسٍ بل وكوارث، وأما العدل بين الزوجات، فلِقوله تعالى: “وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ” النساء: 129، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مَن كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقُّه مائلٌ”؛ أخرجه أبو داود وصححه الألباني. أما العدل في الحكم، فينبغي للمسلم أن يتحلى بالعدل والإنصاف في الحكم بين الناس؛ قال تعالى: “يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ” ص: 26، وكذا ينبغي التحلي بالعدل ولو كان المحكوم عليه ذا قربى؛ قال تعالى: ” وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون”. وتطبيقات العدل كثيرة في حياتنا، ولكن هذه بعض صورها.

 

من موقع شبكة الألوكة الإسلامي