أشرف وزير الشؤون الدينية والأوقاف، الدكتور يوسف بلمهدي، الأحد، على ندوة علمية احتضنتها دار الإمام بالمحمدية، تحت عنوان “شهر رمضان: شهر القرآن والانتصار”، وجاء ذلك في إطار الأنشطة الدينية والعلمية المرافقة لشهر رمضان المبارك.
وشهدت هذه الندوة العلمية، الإعلان عن إطلاق مصحفين إلكترونيين، إضافة إلى مصحف الجزائر بالخط المبسوط، الذي تم إنجازه برعاية سامية من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بمناسبة الذكرى السبعين لثورة التحرير المباركة.
رمضان.. شهر القرآن والانتصار
حيث استهل الوزير بلمهدي كلمته، بالتأكيد على الارتباط الوثيق بين شهر رمضان المبارك والقرآن الكريم، حيث أُنزل الوحي في هذا الشهر الفضيل، ما يجعله زمنا للتدبر والتأمل والتقرب إلى الله. كما أشار إلى أن شهر رمضان كان محطة فارقة في التاريخ الإسلامي، وشهد انتصارات كبرى، أبرزها غزوة بدر الكبرى، فتح مكة، وانتصارات المسلمين في الفتوحات الإسلامية، ليصل هذا المفهوم إلى العصر الحديث من خلال ثورة التحرير الجزائرية، التي انطلقت وسط مبادئ التضحية والجهاد، متخذة من القيم الإسلامية منارة للحرية والاستقلال. وأضاف الوزير، أن هذه الندوة تأتي ضمن جهود الوزارة لتعزيز القيم الدينية والوطنية، وتحفيز المجتمع على استلهام دروس الصبر، النضال، والانتصار من القرآن الكريم.
مصحف الجزائر بالخط المبسوط تعزيز الهوية الوطنية في خدمة القرآن
كما شهدت الندوة الإعلان عن إطلاق مصحف الجزائر بالخط المبسوط، وهو أول مصحف يُطبع بالخط الجزائري الأصيل، ليكون مرجعًا دينيًا وتراثيًا يعكس الهوية الجزائرية. وأشار الوزير بلمهدي، إلى أن هذا المصحف يُعدّ إضافة قيّمة للمكتبة الإسلامية الجزائرية، حيث تمت طباعته وفق أعلى معايير الجودة، وبشكل يُبرز جمال الخط العربي المبسوط المستخدم في الجزائر، مؤكدًا أن هذا المشروع جاء برعاية كريمة من رئيس الجمهورية، في إطار الجهود المتواصلة لخدمة القرآن الكريم ونشره بأساليب حديثة تعزز الهوية الوطنية. وشدد بلمهدي، على أن هذا المصحف يمثل رمزية خاصة لثورة التحرير المباركة، التي كانت جزءًا من نضال الجزائريين للحفاظ على دينهم وهويتهم الإسلامية، معتبرًا أن الاهتمام بالقرآن الكريم وطباعة مصحف جزائري متميز يعكس استمرار هذا المسار الحضاري والروحي للأمة الجزائرية.
مصحفان إلكترونيان لمواكبة العصر الرقمي
وفي سياق متصل، أعلن الوزير عن إطلاق مصحفين إلكترونيين، يهدفان إلى تسهيل وصول القرآن الكريم إلى أكبر عدد من المسلمين داخل الجزائر وخارجها، خاصة في ظل التطور التكنولوجي والتحول الرقمي الذي يشهده العالم. وأوضح أن هذه المبادرة تستهدف مختلف الفئات، بما في ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة، والمغتربون، والباحثون، وطلبة العلم، حيث سيتمكنون من الوصول إلى القرآن الكريم بسهولة عبر المنصات الرقمية والتطبيقات الذكية. وأكد الوزير، أن الوزارة تسعى إلى تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة في نشر علوم القرآن، مع الحفاظ على أصالة النصوص وضبطها وفق الروايات الصحيحة، لا سيما رواية ورش عن نافع، المعتمدة في الجزائر.
حضور رسمي وتفاعل واسع
كما شهدت الندوة حضور شخصيات دينية وأكاديمية وإعلامية بارزة، إلى جانب نخبة من الأئمة والمشايخ والباحثين في العلوم الإسلامية، الذين أشادوا بهذه المبادرات النوعية التي تعزز الارتباط بالقرآن الكريم بطرق حديثة. كما لاقت مبادرة طباعة مصحف الجزائر بالخط المبسوط استحسانًا واسعًا، حيث اعتبرها الحاضرون خطوة مهمة في إثراء التراث الديني الجزائري والحفاظ على خصوصية الخط العربي في البلاد. وفي ختام الندوة، ثمن الدكتور بلمهدي جهود جميع الفاعلين في إنجاز هذه المشاريع، مؤكدا أن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ستواصل تبني مشاريع رائدة في خدمة القرآن الكريم، ودعم البحث العلمي في الدراسات الإسلامية، وترسيخ القيم الدينية والوطنية.
نحو مزيد من المشاريع القرآنية
كما تعكس هذه المبادرات توجه الجزائر نحو الريادة في خدمة القرآن الكريم، سواء عبر الطباعة الفاخرة أو الحلول الرقمية، مما يفتح المجال أمام مزيد من المشاريع المستقبلية التي تواكب تطلعات الأجيال الجديدة. وأكد الوزير، أن هذه الجهود تأتي ضمن رؤية الدولة الجزائرية لتعزيز الهوية الإسلامية، والحفاظ على الإرث الديني والثقافي للبلاد، في ظل التحولات الرقمية العالمية، داعيًا الجميع إلى الاستفادة من هذه الوسائل الحديثة لنشر تعاليم الإسلام وترسيخ القيم الأخلاقية والتربوية.
إيمان عبروس
