الجزائر- يعتقد الأستاذ يحيى بوزيدي أستاذ مساعد بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة جيلالي اليابس بسيدي بعلباس، بأنه يطرح تغيير في العلاقة بين الجزائر وفرنسا وأن ما يمكن توقعه لا يتجاوز “بيع” كلام
مقابل تحصيل مصالح اقتصادية لا أكثر ولا أقل، مشيرا أنه حتى موقف ماكرون من الاستعمار الفرنسي سيدفعه للتراجع عن تصريحاته السابقة بسبب موقعه الرئاسي باعتبار إشارات ذلك بدت حتى قبل وصوله إلى الرئاسة.
يكاد يجزم الاستاذ يحيى بوزيدي في تصريح لـ “الموعد اليومي” بأن اعتذار فرنسا عن جرائمها في الجزائر موقف لا يستقيم مع الصورة الحضارية الفرنسية التي يسوقها الساسة هناك سواء داخليا أو خارجيا، فضلا على ذلك فإن خطوة من هذا القبيل لا شك أنها قد تكون لها تبعات قانونية عاجلا أم آجلا، وعلى هذا الأساس الباب السياسي من هذا النوع ليس من السهولة فتحه من الجانب الفرنسي.
وأوضح المتحدث (بالحديث عن الضغط الذي يتوجب ممارسته داخليا هنا بالجزائر لحمل الطرف الفرنسي على الاعتذار ) بأن سلطة سياسية ممثلة للشعب الجزائري ولا تعاني من أي عقدة شرعية ومشروعية تراعي مصلحة الدولة أولا وأخيرا هي الكفيلة بتحقيق مطالب من هذا القبيل.

كما أوضح أن دور المجتمع المدني في هذا الجانب هامشي إلى حد كبير جدا ولكنه قد يشكل سندا للحكومة من خلال طرح هذه القضايا على مستوى الهيئات الدولة المختصة، وأيضا العمل داخليا على تأكيد هذه المطالب ونقلها للأجيال التالية لمواصلة الرسالة، خاصة مع تعالي بعض الأصوات بين الفينة والأخرى التي تقلل من أهمية هذه المطالب وحتى من جرائم الاستدمار الفرنسي بحق الشعب الجزائري.
وعن دور البرلمان في هذه المسألة تحديدا، يرى الاستاذ بأن البرلمان الجديد هو نسخة مكررة إلى حد كبير جدا عن البرلمان السابق، ولا يتوقع منه أن يختلف عنه، كما أن موضوع الاعتذار وغيره مرهون بموقف السلطة التنفيذية المهيمنة على صنع القرار وبالتالي لا يمكن توقع الكثير.
وعن آفاق التعاون السياسي بين الجزائر وفرنسا التي ما تزال ترى في الجزائر بأنها (بقرة حلوب)، قال المتحدث: فرنسا تنظر للجزائر دائما كمنطقة نفوذ على الساحة الدولية ولذلك ستواصل نشاطها في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية لضمان نفوذها عليها.
قال إن ماكرون لن يحيد عن مبادئ وأعراف الجمهورية الفرنسية والخط الذي رسم له، الأستاذ كاهي :
المصالح الاقتصادية بين فرنسا والجزائر ستفرض نفسها على مبدأ الاعتذار
قال الأستاذ كاهي مبروك استاذ العلوم السياسية بجامعة قاصدي مرباح بورڤلة بأن فوز إيمانويل ماكرون برئاسيات فرنسا كان متوقعا وليس مفاجأة، مؤكدا بأن المصالح الاقتصادية بين فرنسا والجزائر المستقبلية ستفرض نفسها على مبدأ الاعتذار عن جرائم فرنسا الاستعمارية، لأن الرئيس الفرنسي الجديد ببساطة لن يحيد عن مبادئ وأعراف خط الجمهورية الفرنسية الذي رسم له.
أكد الاستاذ كاهي بأن قضية اعتذار فرنسا الاستعمارية عن جرائمها البشعة في حق الجزائريين أيام الثورة التحريرية المظفرة ليست بيد ماكرون، وبالتالي الأمر يحتاج لفتح نقاش مجتمعي فرنسي بكل مكوناته قبل أن يصل إلى السلطة السياسية ولهذا -يضيف الأستاذ- التزم ماكرون في البداية بالحذر عند حديثه عن مسالة الاعتذار في انتظار تجاهل هذا المبدأ، مذكرا أن بين فرنسا وألمانيا كان هناك بحار وليس أودية من الدماء لكن مع ذلك المصالح فرضت نفسها وتم تجاوز تلك الملفات بين البلدين.
وشدد المتحدث بحديثه عن القنوات الرسمية التي يجب اتباعها في العلاقات مع الدول، بأن لا أحد بزي رسمي طالب بالاعتذار حتى البرلمان عجز عن طرح هذا المشروع، مع أن هناك قنوات رسمية للتواصل ممثلة بالسفارة ووزارة الخارجية ما عداهما يبقى فقط ما يدور تعبيرا عن استياء خارج عن هذه القنوات ويبقى جهد المجتمع المدني ودور الجالية مهما في الضغط على الجانب الفرنسي.
وأوضح المتحدث بأن ملف الاعتذار لم تتوله أحزاب الأغلبيه أو أحزاب السلطة في ظل وجود تفاؤل بتحسن العلاقات فقط، لكن الامر -يضيف – مرهون بمستجدات البيئة سواء المحلية الجزائرية أو الفرنسية أو حتى البيئة الدولية على اعتبار أن العالم تحكمه المصالح وليس الصداقات.
كما أوضح المتحدث ذاته بأن فرنسا ستعمل مستقبلا في إطار أهدافها الاستراتيجية على تعزيز العلاقة الاقتصادية مع الجزائر والمحافظة على السوق الجزائرية أمام المنافسة الشرسة لا سيما من الصين.