إدارة الكوارث الطبيعية ..نحو رؤية استشرافية بمجتمع مدني فاعل

إدارة الكوارث الطبيعية ..نحو رؤية استشرافية بمجتمع مدني فاعل

أجمع مشاركون في ندوة وطنية كبرى حول إدارة الكوارث الطبيعية والمخاطر الكبرى والفيضانات في الجزائر – برؤية استشرافية، اليوم السبت، على أن إدارة الكوارث الطبيعية تتطلب يقظة استباقية وتنسيقاً مؤسسياً ومجتمعياً، وأن المجتمع المدني شريك أساسي في التصدي للمخاطر وتقليص الخسائر، من خلال التكوين، الوقاية، والتوعية، ضمن رؤية وطنية شاملة نحو تنمية مستدامة وآمنة.

الندوة من تنظيم المؤسسة الجزائرية صناعة الغد بالشراكة مع الشركة الجزائرية للتأمينات (SAA)، وبمساهمة الجمعية الجزائرية للإغاثة الإنسانية.

وشكّلت الندوة فضاءً علمياً ومؤسسياً لمناقشة واقع الكوارث الطبيعية في الجزائر، على غرار الفيضانات والسيول والحرائق والزلازل وانهيار البنايات، من خلال تشخيص المسببات الرئيسية وتحليل المعطيات الإحصائية، واقتراح حلول تقنية واستشرافية لتقديمها للسلطات العمومية.

في كلمته الافتتاحية، أكّد رئيس المؤسسة الجزائرية “صناعة الغد”، البروفيسور بشير مصيطفى، أن هذه المبادرة تندرج ضمن الأنشطة الشهرية المنتظمة للمؤسسة منذ سنة 2014، والتي تهدف إلى معالجة قضايا الساعة برؤية استشرافية تسعى إلى تقديم حلول عملية لمشكلات البلاد.

وأشار مصيطفى إلى أن اختيار موضوع الكوارث الطبيعية والفيضانات يأتي استباقا لفصل الشتاء، باعتباره فترة تشهد تكرارا لهذه الظواهر وما تخلفه من خسائر بشرية ومادية جسيمة، مستذكرا فيضانات غرداية سنة 2008 التي تسببت في أضرار كبيرة.

وأشار إلى أن عدد السكان في تزايد سنوي يفوق 900 ألف نسمة، ما يستدعي التخطيط المبكر للتعامل مع تطور البنية العمرانية وتزايد المخاطر الطبيعية.

 

تأمين الكوارث… من التعويض إلى الوقاية

في مداخلته، تطرق المدير العام للشركة الجزائرية للتأمينات، يوسف بن ميسية، إلى النظام التأميني للكوارث الطبيعية في الجزائر، موضحاً أن القانون الجزائري أقرّ سنة 2003 نظام التأمين الإلزامي ضد الكوارث الطبيعية، عقب الخسائر الفادحة التي خلّفتها فيضانات باب الوادي (2001) وزلزال بومرداس (2003).

وأشار المتحدث إلى أن الهدف من هذا النظام هو تشجيع حاملي وثائق التأمين على المساهمة في تغطية جزئية لتكاليف الأضرار، وإلزام شركات التأمين بتوفير تغطية لمخاطر الكوارث الكبرى، ما يخفف العبء عن الخزينة العمومية.

وأضاف أن الدولة تتدخل مالياً في حال استنفاد قدرات شركات التأمين عبر ضمان الدولة الممنوحللشركة الوطنية لاعادة التامينات.

ويشترط التعويض الاعلان عن حالة الكارثة الطبيعية بمرسوم مشترك بين وزارات المالية والداخلية والجماعات المحلية، على أن تتم تسوية الملفات وتعويض المتضررين في غضون ستة أشهر من تاريخ الإعلان.

كما أكد بن ميسية على الدور الوقائي لشركات التأمين في تحليل وتقييم المخاطر ميدانياً من خلال خبراء ومهندسين مختصين يقدمون توصيات تقنية للحد من الحوادث وتقليص الخسائر.

 

بنوار: الكوارث ليست حوادث معزولة بل انعكاس لخيارات بشرية

من جهته، دعا الخبير في إدارة المخاطر، الدكتور جيلالي بنوار، إلى إعادة التفكير في مقاربة إدارة الكوارث الطبيعية، مؤكداً أن الكوارث لا تُعدّ حوادث مفاجئة، بل هي نتيجة لتفاعل المخاطر مع هشاشات متعددة تعكس خيارات بشرية في التهيئة العمرانية واستعمال الموارد.

وشدد الدكتور بنوار على ضرورة بناء سلسلة قوية للحد من الكوارث، عبر تطوير سياسات عمومية فعالة ورفع وعي المجتمع المدني، داعياً إلى تبنّي نظام إنذار وتنبؤ مبكر بالهشاشات والنقائص، يتيح تقديم المعلومات في الوقت المناسب لتمكين المؤسسات والأفراد من اتخاذ الإجراءات الوقائية.

كما دعا إلى إدراج ثقافة الخطر في البرامج التعليمية والتكوينية، لبناء مجتمع مدني واعٍ وشريك فعّال في التصدي للمخاطر.

 

بلمخطار: مدن قادرة على التكيف مع الكارثة

أما الخبير في إدارة الكوارث الدكتور أمين بن مخطار، فقد ركّز على أهمية التصدي العمراني والتنظيمي في تعزيز قدرة المدن على امتصاص الصدمات والتكيف مع التغيرات.

وعرّف “التصدي التنظيمي” بأنه قدرة المؤسسات على ضمان استمرارية النشاط والتكيف مع المحيط المتضرر واستعادة الأداء بعد الكارثة.

ودعا د.بلمخطار إلى تقييم دوري لقدرات المدن ووضع خرائط طريق واقعية تحدد أولويات العمل للتحكم في المخاطر، مؤكداً أن بناء مدينة قادرة على التصدي لا يتحقق فقط بسرعة الاستجابة، بل عبر رؤية استشرافية مبنية على التخطيط والتكوين المستمر.

 

الإغاثة الإنسانية… علم يجب تدريسه

وفي مداخلة أخرى، أوضح ممثل الجمعية الجزائرية للإغاثة الإنسانية، الدكتور بومدين قواوي، أن الإغاثة الإنسانية أصبحت علماً أكاديمياً يُدرّس في الجامعات الكبرى، مشدداً على ضرورة تكوين المجتمع المدني باعتباره الفاعل الرئيسي في التدخل الأولي أثناء الأزمات قبل وصول الأجهزة الرسمية.

وأشار قواوي إلى أن الجمعية الجزائرية للإغاثة الإنسانية تأسست خلال جائحة كورونا بهدف نشر ثقافة الإغاثة في الجامعات والمدارس، والعمل على تأسيس علم وطني للإغاثة الإنسانية بنظرة جزائرية، داعياً إلى إعداد برنامج وطني خاص لتكوين الكفاءات في هذا المجال.

 

الحماية المدنية: الوقاية مسؤولية جماعية

من جانبه، عرض المدير الفرعي للأخطار الكبرى بالمديرية العامة للحماية المدنية، المقدم علي عمراوي، كيفية تسيير أخطار الكوارث في ظل التغيرات المناخية، خصوصاً خطر الفيضانات.

وشدد المقدم عمراوي على أهمية تعزيز الوقاية والتأهب والتدخل المسبق لحماية الأرواح والممتلكات، من خلال اعتماد خرائط محينة وتكثيف التمارين التشاركية مع السكان لترسيخ ثقافة الخطر.

كما حذر من بعض السلوكيات الخطيرة مثل البناء بمحاذاة مجاري الوديان أو تشييد بنايات دون دراسات مسبقة للتربة، مؤكداً أن رفع الحس المدني لدى المواطنين يعدّ عنصراً محورياً في تقليص الخسائر البشرية والمادية.

 

شراكة لاستشراف سوق التأمين آفاق 2050

وتخلّل الندوة بتوقيع اتفاقية شراكة وتعاون بين الشركة الجزائرية للتأمينات (SAA) والمؤسسة الجزائرية صناعة الغد، بهدف استشراف سوق التأمين في الجزائر.

وتنص هذه الاتفاقية على التعاون الفني في مجال تصميم السياسات والرؤى ذات العلاقة بادارة المخاطر الكبرى و الكوارث الطبيعية في الجزائر افاق العام 2044 .

كما تنص الاتفاقية على اطلاق برنامج مشترك للتفكير في مجال تطوير سوق التأمينات بالجزائر حسب معيارية النشوء والابتكار مع التطور السريع في تقنيات التأمين في العالم وخاصة مع توسع سوق التأمين في الجزائر ليشمل القطاع الخاص .

 

تصدير أول شحنة حلزون نحو إيطاليا من وهران

نجحت مزرعة متخصصة في تربية الحلزون بوهران في تصدير أول شحنة من حلزون” الرمادي الصغير” قدرت ب 3 أطنان، خلال السنة الجارية، حسب ما علم لدى صاحبة هذا الاستثمار الزراعي.

صدرت مزرعة تربية الحلزون بمختلف أنواعه، الكائنة بدائرة عين الترك، ما لا يقل عن 3 أطنان من الحلزون من نوع “هليكس أسبيرسا” المعروف ب “الرمادي الصغير” نحو إيطاليا خلال سنة 2025 ، وفق أوضحته لـ”وأج” موسى ضاوية، الأحد.

وترتقب ذات المزرعة، التي أنشأت في 2021 والتي تحتضنها المستثمرة الفلاحية “ابرير الشيخ”، تصدير شحنة أخرى من ” الرمادي الصغير” تقدر ب 10 أطنان نحو إسبانيا،

وأبرزت المستثمرة  أن ” هذا النوع من الحلزون أكثر طلبا في السوق الداخلية و الدولية ويعتبر من أحسن السلالات وأغلاها”.

وتنتج هذه المزرعة، التي أنشأت بفضل الدعم الذي تلقته من طرف الوكالة الوطنية لدعم و تنمية المقاولاتية (أنساج سابقا)، 20 طنا من شتى أصناف الحلزون في كل موسم (6 أشهر)، وتمتلك خطين من الإنتاج وهما ”الحلزون جاهز للتصدير” و”الحلزون الموجه للاستهلاك”، هذا الأخير يتم تسويقه إلى المساحات التجارية الكبرى، مثلما أوضحته صاحبة هذه التجربة.

وتعتزم ذات المزارعة الرفع من طاقة الإنتاج واقتحام أسواق دولية أخرى، علما أن مزرعتها تتوفر على ثلاثة بيوت محمية مجهزة لتربية الحلزون، تتربع كل منها على مساحة تقدر ب 400 متر مربع، يتم فيها تربية هذا النوع من الكائنات الحية، الذي ينتمي إلى فصيلة الرخويات، باعتماد أحدث التقنيات في المجال، كما أشير إليه.