إخواننا في غزة

إخواننا في غزة

إن كلمة: “مأساة” لا تستطيع أن تعبر عما يحدث الآن على أرض غزة في فلسطين، لكنني ربما لا أجد كلمة هي أشد أسى منها! فهل أقول: “كارثة”؟ أأقول: “طامة”؟ أأقول: “فاجعة”؟… فإن الأمر من جميع هذه الكلمات أفظع وأشنع وأخطر، و والله لو اجتمعت كل هذه الألفاظ ومعها أضعاف أضعافها من الجمل والتعبيرات لما استطاعت أن تصف ما يحدث هناك في غزة؛ وكيف تصف الكلمات حقدًا أسودًا وكراهية حمقاء وبُغضًا مقيتًا يتقاطر من الطائرات ويُقذَف من الدبابات ويُرمى من المدافع؟!. إنك لن تستطيع أن تتخيل حجم ما حل بأهل غزة إلا أن تكون معهم وسط التجويع والترويع والغشم، السماء هناك تُمطر موتًا، والمدافع تقذف حرقًا، والبحار تُخرج نارًا من حاملات الطائرات، والدبابات تأتي على ما بقي على الأرض من آثار الحياة! فإن لم يأتك الموت من الأرض أتاك من البحر، وإن أخطأك البحر جاءك من السماء، وإن أخطأك رشق السماء مُتَّ من الحصار والجوع والعطش ونقص الدواء!!. والعجيب أن تراهم صامدين صابرين ثابتين محتسبين غير متزلزلين ولا ناكصين، راضين غير جازعين، مُسَلِّمين غير معترضين!.

إن المرء والله ليشعر بالحياء أمام رجل يُخرجوه من تحت الركام وقد مات جميع أهله وهو يهتف: “لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بمقدار، وإني صابر محتسب”! أمام أم مات ولدها أمام عينها وهي تهتف: “فداء المسجد الأقصى ترخص دماء أولادنا”! أمام طفل وسط الدمار شريدًا وحيدًا لكنه شامخ كالطود يتمنى لو يكبر فيجاهد اليهود. لكنهم قوم تربوا على قول الله عز وجل “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ” البقرة: 214، قوم عاشوا بقلوبهم ووجدانهم مع الصحابة يوم الأحزاب “إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا” الأحزاب: 10-11، ثم رأوا لمن كان النصر والغلبة والظفر. لكن هل نتركهم وما يريدون؟ ما هي واجبات الأمة الإسلامية تجاه ما يحدث في غزة العزة؟. ونقول: واجبات كل مسلم حسب طاقته ووسعه ومكانه وقدرته، لكننا جميعًا نستطيع الدعاء لهم أن يثبت الله أقدامهم وأن يربط على قلوبهم وأن يسدد رميهم وأن ينصرهم على عدونا وعدوهم… “وأعجز الناس من عجز عن الدعاء” رواه ابن حبان، وصححه الألباني.

وثاني الواجبات: ألا نُقَدِّم لعدونا ثمن الرصاصات التي يقتل بها إخواننا في غزة؛ بل لنقاطع جميع بضائعهم وجميع بضائع من عاونهم.

وثالثها: أن نُعَرِّف الناس بالقضية؛ فنعينهم أن يُفرِّقوا بين الظالم والمظلوم، وبين الجلاد والضحية، وبين الغاصب الذي اغتصب الأرض وانتهك العرض وبين المقاوم الذي يدافع عن أرضه وعرضه.

من موقع شبكة الألوكة الإسلامي