إخفاء الإصابة خشية النظرة الدونية .. لماذا يتعامل بعض الجزائريين مع كورونا كأنه عار؟

إخفاء الإصابة خشية النظرة الدونية .. لماذا يتعامل بعض الجزائريين مع كورونا كأنه عار؟

حينما شعرت جويدة ببعض أعراض الإصابة بفيروس كورونا، لم يرعبها ذلك بقدر رعبها من أن تموت منبوذة موصومة بأنها ضحية كورونا، كما حدث مع بعض الحالات من قبل، “فتظل عائلتها مطاردة بهذا العار”، حسب تعبيرها.

لم تجرّب جويدة الاتصال برقم الطوارئ الذي خصصته وزارة الصحة للإبلاغ عن حالات الاشتباه في الفيروس، فقد قرأت على مواقع التواصل الاجتماعي أنه لا فائدة من الاتصال به، فضلا عن انزعاجها من فكرة أن يتم حملها أمام الجيران في سيارة إسعاف في ما يشبه الموكب الصحي البوليسي.

اتفقت هذه السيدة مع زوجها على الانتقال إلى المستشفى في تكتم، وأثناء الخروج من المنزل؛ جاهدت طويلا كي تكتم سعالها، حتى لا ينتبه الجيران، وكل هذه الأفكار

والمخاوف أتعبتها تعبا مضاعفا، وحتى في المستشفى حينما ذهبت لإجراء الفحص شاهدت نظرات الريبة والخوف من الجميع بمن فيهم الطاقم العامل وبعد الفحص و السكانير، تبين أنها تعاني من أزمة صدرية عابرة، حسب قول زوجها.

نظرات الريبة تلاحقها

من جهتها، السيدة كريمة، شعرت بأهم أعراض كورونا، وهي ارتفاع درجة حرارتها بلا توقف، رغم استعمالها خوافض معروفة بقوة مفعولها وسرعة تأثيرها.

خشيت هذه السيدة في البداية من التوجه لمستشفى مفتاح لأسباب جويدة نفسها، فتوجهت إلى طبيب أمراض باطنية أوصى لها بأدوية أخرى، ثم نصحها بالتوجه إلى مستشفى مفتاح في حال استمرار الحرارة في الارتفاع.

لم تفلح الأدوية الجديدة في خفض الحرارة التي تخطت الأربعين، فحاولت الاتصال برقم الطوارئ، لكنها لم تتلق أي رد، كما قالت لنا، فتحاملت كريمة على نفسها، وتوجهت إلى مستشفى مفتاح، وخارج المستشفى وجدت الكثير من الأشخاص  ينتظرون ذويهم، وخطت نحو باب المستشفى بوهن واضح تطاردها نظرات الريبة من المنتظرين هناك، وبعد ذهابها للمستشفى تبين أن الأمر مجرد التهاب رئوي عادي تعافت منه بالأدوية، لكن كريمة ظلت ملاحقة بريبة أقاربها في حقيقة متاعبها، وحرصوا على الاحتفاظ بمسافة كبيرة بينهم وبينها عند اللقاءات، رغم تأكيداتها أن متاعبها لا علاقة لها بفيروس كورونا.

مرض أم وصمة عار

وتؤكد الأحاديث اليومية والطريقة التي يتعاطى بها الجزائريون مع المرض، أن  وصمة العار الاجتماعية من كورونا تنتشر أسرع من الفيروس، ولهذا فالكثير من المتعافين على مختلف ألوانهم وأطيافهم لن يُقروا بإصابتهم بالمرض خشية نبذهم.

ووصمة العار تلك المتزايدة من الإصابة بفيروس كورونا يمكن أن تترك أثرا طويل الأمد على الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

الوصم الاجتماعي يدفع لنقل العدوى

قد يدفع الوصم الاجتماعي المصاب بكورونا إلى نقل العدوى انتقاماً من المجتمع “الظالم”.

وبالرغم من تأكيدات منظمة الصحة العالمية، أهمية استشارة الطبيب حال الشعور بأعراض فيروس كورونا، إلا أن المنظمة قالت في تغريدة على حسابها الرسمي في تويتر إن التنمر الاجتماعي والوصم بالعار يدفعان الناس إلى إخفاء إصابتهم بالمرض، والامتناع عن طلب الرعاية الصحية والقيام بالفحوصات وقبول الحجر الصحي، مما يزيد من انتشار الفيروس.

لمياء بن دعاس