إحصائيات غير دقيقة ومؤشرات تدل على تزايدهم… الجزائر من مركز عبور إلى بلد مستهلك للمخدرات

elmaouid

المختصون يدعون إلى تكثيف عمليات التحسيس الجوارية للوقاية من الانحراف

يزداد يوم بعد يوم عدد المتعاطين للمخدرات في الجزائر بشكل مثير للقلق، إذ تشير آخر الإحصائيات إلى أن ما يزيد عن 300 ألف شاب جزائري يتعاطون المخدرات، 90 بالمائة منهم ذكور، تتراوح أعمارهم بين 12 و35

عاما، ووفقا لبعض الدراسات فإن تعاطي المخدرات كان يتمركز بشكل كبير في المدن، لكن في الفترة الأخيرة انتقل إلى القرى والمناطق الريفية، وطال الجامعات والثانويات، وأدى ذلك إلى ارتفاع نسب الجريمة والعنف وحوادث السير وغيرها.

تحيي الجزائر، اليوم، وعلى غرار دول العالم، اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، وهي المناسبة التي يعود الحديث فيها عن واقع الإدمان في الجزائر، حيث كشف رئيس الفدرالية الوطنية لجمعيات رعاية الشباب عبد الكريم عبيدات أن عدد المدمنين على المخدرات يقدر بـ 300 ألف شخص على المستوى الوطني وأعمار أغلبية هؤلاء المدمنين تتراوح ما بين 15 و 35 سنة من بينهم 3 بالمائة من العنصر النسوي، وأشار إلى أن “هذا العدد لا يأخذ بعين الإعتبار سوى المدمنين الذين استفادوا من العلاج في المستشفيات والمراكز العلاجية المختصة”.

 

نشاطات جوارية لموسم الإصطياف

وأبرز عبد الكريم عبيدات “أهمية” تنظيم الحملات التحسيسية حول خطورة الادمان على المخدرات لاسيما أثناء السياقة، مضيفا أن جمعيته جندت لإنجاح هذه العملية التي مست العديد من الشواطئ عبر الـ 14 ولاية ساحلية وكذا الساحات العمومية ما يقارب 1000 شاب وشابة مختصين في النشاطات التحسيسية.

وعن تنظيم هذه الحملات في الشواطئ، أوضح عبيدات أن الهدف منها هو التقرب من المصطافين لاسيما الشباب منهم لتحسيسهم بخطورة تعاطي المخدرات لاسيما اثناء السياقة.

 

مركز الوقاية.. نشاط يومي لرعاية الشباب

وبخصوص التكفل بالشباب المدمن على المخدرات، ذكر السيد عبيدات أن جمعيته فتحت مركزا للوقاية ومكافحة المخدرات في بلدية المحمدية (شرق العاصمة) للتكفل بالمدمنين في “سرية تامة” ، مبرزا أهمية اللجوء الى العلاج النفسي “من خلال الاستماع للمدمن ومرافقته إلى غاية الشفاء الكامل”.

 

آفة المخدرات أصبحت “أكثر خطورة مما كانت عليه سابقا”

أكد الخبير الجزائري في الشؤون الأمنية عمر بن جانة في وقت سابق أن آفة المخدرات التي تستهدف الدول المغاربية و منطقة الساحل الإفريقي باتت “أكثر خطورة مما كانت عليه سابقا” في ظل الوضع المتأزم بالمنطقة.

وقال السيد بن جانة إن آفة المخدرات التي تستهدف شعوب المنطقة المغاربية ودول الساحل الإفريقي أصبحت “أكثر خطورة مما كانت عليه سابقا” في ظل الوضع المتازم وغير المستقر لبعض دول المنطقة.

وأوضح السيد بن جانة أن هذه الخطورة تتجلى “في تحالف بارونات تهريب المخدرات المنتجة بالمملكة المغربية مع الجماعات الإرهابية”.

وأضاف الخبير أن الجماعات الارهابية “أصبحت سندا لبارونات تهريب المخدرات ما جعل الخطر خطرين على دول المنطقة خاصة الجزائر التي تملك حدودا برية شاسعة مع جميع دول المنطقة”.

وحسب السيد بن جانة، فإن “ما يزيد من خطورة جرائم المخدرات في الوقت الحالي تركيز الجيوش والمؤسسات الأمنية للدول التي تمر بوضع غير مستقر على اعادة الاستقرار”.

وأضاف أن “سيطرة مافيا المخدرات على مصادر القرار بالمملكة المغربية حال دون محاربة زراعة القنب الهندي بالمغرب وهي الزراعة التي تمثل 1ر3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب كما يجني المغرب 12 مليار دولار سنويا من تجارة المخدرات”.وأعاب الخبير إستمرار “تهاون” المغرب في مكافحة انتاج المخدرات والاتجار بها رغم تحذيرات الهيئات الأممية.

 

أرقام مرعبة عن تجارة الكوكايين في الجزائر

أثار حجز حرس السواحل، كمية كبيرة من الكوكايين تزن 701 كلغ، كانت على متن باخرة قادمة من أمريكا اللاتينية، العديد من التساؤلات عن طبيعة هذه المادة المخدرة، خصوصا وأنها الأولى من نوعها التي تم تسجيلها في الجزائر.

وتعد المخدرات التي تم حجزها أكبر كمية كوكايين يتم ضبطها في الجزائر منذ 2012، حين تم ضبط 165 كيلوغراما من الكوكايين مهربة مع بودرة الحليب استوردت من نيوزيلاندا.

ويغلب على تجارة المخدرات في الجزائر نوع القنب الهندي الذي مصدره الرئيسي حقول يزرع فيها في المملكة المغربية، والذي يتم استهلاكه محليا نظرا لانخفاض سعره.

ووفقا للدراسات، فإن تكلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الكوكايين تتراوح بين 2700 و4000 دولار، بمجرد خروجها من المزارع.

ولدى وصول المخدرات إلى الساحل الإفريقي الغربي، ترتفع تكلفة الكيلوغرام الواحد من الكوكايين إلى قرابة 13 ألف دولار، ثم ترتفع مرة أخرى إلى 16 ألف دولار عندما تصل إلى عواصم دول منطقة الساحل الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى.

ويرتفع سعر الكيلوغرام الواحد من الكوكايين إلى ما بين 24 و27 ألف دولار عندما يصل إلى مدن وعواصم دول شمال إفريقيا، قبل أن ينتقل إلى أوروبا، حيث يتضاعف السعر ليصل إلى ما بين 40 و60 ألف دولار.

وكشفت بيانات للأمن الوطني، في وقت سابق أن استهلاك مخدر الكوكايين في الجزائر يتم عن طريق مزج النوع النقي منه بمواد أخرى على غرار “البراسيتامول”، حيث يمكن استخراج من 1 كلغ كوكايين نقي مابين 10 و15 كلغ من الكوكايين الجاهز للاستهلاك يتم تسويقها للمدمنين بمبلغ يتراوح ما بين 20 و25 ألف سنتيم للغرام الواحد بعد معالجته.

واستنادا إلى هذه الأرقام، نجد أن كمية الكوكايين المحجوزة في ميناء وهران تتجاوز قيمتها المالية لدى وصولها إلى الجزائر أكثر من 42 مليون دولار أي أكثر من أربعة ملايير و914 مليون دينار جزائري وهو رقم خيالي سيتضاعف على اعتبار أن مادة الكوكايين النقية سيتم مزجها بمواد أخرى.

وتوفر تجارة المخدرات خصوصا الأنواع “الفاخرة” عشرات المليارات من الدولارات في خزائن عصابات المخدرات والمافيا في العالم، التي باتت أهم جزء في “اقتصاد المخدرات” أو “الذهب الأخضر”، بينما تخصص الحكومات مليارات أخرى لمكافحة المخدرات والإدمان والآفات المرافقة لها.

ويعتبر الكوكايين أشد المنشطات الطبيعية مفعولاً، وأغلاها سعرا، ويستخلص من أوراق نبات الكوكا الذي ينمو في أمريكا الجنوبية، حيث يمضغه الأهالي وهو معروف لديهم منذ 5 آلاف عام خاصة في بوليفيا والبيرو أو يضعونه مع الشاي ويشربونه للانتعاش والتغلب على التعب.

وتفيد الدراسات والتقارير أن تجارة الكوكايين تتبع ثلاثة مسارات رئيسية أمريكي وبريطاني وإفريقي وهو ما يجعل الجزائر مركز استهلاك وعبور لهذا النوع من المخدرات نحو دول أوروبية.

وتبدأ دورة إنتاج وتسويق مادة الكوكايين من مزارع دول أمريكا اللاتينية، على شكل نبتة خضراء تقل تكلفتها عن كثير من المنتجات الزراعية مثل القمح، كما أنها لا تحتاج إلى الكثير من الماء ولا إلى عناية كبيرة، باستثناء تكلفة الزراعة والعاملين فيها، وبالطبع العناصر المسلحة لحماية المزارع من الدخلاء، بمن فيهم السلطات والحكومات.

ولا يحصل مزارعو المخدرات إلا على الجزء اليسير من الأموال الطائلة الناجمة عن هذه الصناعة، ولكن المبالغ التي يحصل عليها تظل بالنسبة إليه أفضل من أي محصول زراعي آخر.

وحسب التقارير يتم تسويق المخدرات ومنها الكوكايين عبر 3 بؤر رئيسية في العالم اثنتان منها في آسيا، والثالثة في أمريكا اللاتينية.

ففي آسيا، توجد البؤرة الأولى في جنوب شرق آسيا، وتحديدا في المثلث الحدودي بين لاوس وميانمار وتايلاند، ويطلق على هذه المنطقة اسم “المثلث الذهبي”، وهي تغذي دول شرق آسيا وجنوب شرقي آسيا بالمخدرات.

البؤرة الثانية هي المنطقة المعروفة باسم “الهلال الذهبي”، ويضم دول باكستان وأفغانستان وإيران، على وجه الخصوص، وهي المصدر الرئيسي للمخدرات إلى الصين وروسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، وكذلك إلى أوروبا عبر تركيا وعبر شرق إفريقيا.

البؤرة الثالثة، وهي الأكثر شهرة ربما بسبب النشاط الإجرامي لعصابات وكارتيلات المخدرات في كل من كولومبيا والمكسيك، وهذه البؤرة هي المسؤولة عن تصدير المخدرات إلى باقي دول أمريكا اللاتينية والوسطى والشمالية، وكذلك إلى أوروبا عبر دول الساحل الإفريقية.

وفي أكتوبر 2017، نشرت صحيفة “تلغراف” البريطانية إحصائيات جديدة تبين نسبة انتشار وتعاطي الكوكايين في مختلف دول العالم، حسب أحدث البيانات التي يوفرها مكتب الأمم المتحدة المختص بالعقاقير والجرائم، ولحسن الحظ أن الجزائر والدول العربية كانت غائبة عن القائمة.

وحسب المصدر، فإن ألبانيا تصدرت قائمة دول العالم من حيث الاستهلاك، حيث أن 2.5 في المائة من سكانها، الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عاما، يتعاطون الكوكايين، تليها اسكتلندا والولايات المتحدة وإسبانيا وأستراليا وهولندا بالإضافة إلى دولتين من أمريكا الجنوبية هما شيلي وأوروغواي.

كما تضمنت القائمة فرنسا وإسرائيل وإيطاليا وغانا وكندا.