أكدت نتائج دراسة حول موضوع “العنف والشباب بولاية الجزائر” أن قيام الشباب بإحداث ندوب في أجسامهم وتشويه ذواتهم يجب اعتبارها بمثابة نداءات استغاثة من شأنها أن تؤدي إلى أعمال عنف.
وأكد البروفيسور رشيد بلحاجي، رئيس الوحدة الطبية-القضائية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة في تصريح لواج، أن “أن قيام الشباب بإحداث ندوب في أجسامهم وتشويه ذواتهم يجب اعتبارها بمثابة نداءات استغاثة مما يتطلب فتح حوار مع هؤلاء الشباب اليائسين”. وأضاف المتدخل، أن هؤلاء الشباب الذين يقومون بتشويه أجسادهم ويمارسون العنف عليها يشكلون “خطرا كبيرا” وقد يرتكبون أعمالا “عنيفة جدا” لأنهم “فقدوا القدرة على تقدير الذات”. وأوضح البروفيسور بلحاجي، أن “الخطورة تزيد إذا كان محيط الشاب سيئا”، مضيفا أن هذه الدراسة أظهرت، أن “الشباب مرتكبي أعمال العنف بالعاصمة لم يعودوا يستخدمون سكاكين صغيرة أو مطواة بل وسائل أكثر خطورة قد تسبب الموت أو جروح خطيرة (السيوف وبنادق الرمح أو مسدس إشارة الاستغاثة…). كما أشار مستندا على نتائج هذه الدراسة، إلى أن “العنف عند الشاب يبدأ بعنف لفظي + سب وشتم وعبارات نابية، وإذا لم يتم وضع حد لهذا العنف اللفظي من خلال تربية الأسرة والمدرسة فإن هذا الشاب سيتورط لا محالة في العنف الجسدي ضد نفسه (تهذيب الذات أو الانتحار) أو ضد الأخرين”. وأكد في هذا الصدد، أن “احترام الذات يظل الضامن الوحيد والحقيقي بالنسبة للشاب حتى يتمكن من مواجهة صعوبات الحياة ومساعدته على الابتعاد عن ويلات العنف”. وتشير ذات الدراسة إلى وجود مسائل أخرى مرتبطة بالوشم وإحداث الثقوب والأقراط وحمل السلاح وهي مؤشرات تشير إلى “أشخاص عنيفين وخطيرين”. وإذا تبنى الشاب سلوك تشويه الجسم، إضافة إلى الشتم والسب “فإنه سيكون لا محالة من مرتكبي أعمال العنف”.
الجريمة ومستوى الظروف الاجتماعية
كشف تقرير نشرته الشرطة الجزائرية، أن معدل الجريمة ارتفع بصورة مقلقة بنسبة 14 في المائة مقارنة مع معدل العام الماضي، خاصة في العاصمة وكبرى المدن، على الرغم من تعزيز جهود المؤسسة الأمنية ورفع الموازنات المخصصة لها لتجهيزها.
وأكد المفتش العام للأمن الوطني، أرزقني حاج سعيد، أن البيانات توضح ارتفاعاً في معدل الجريمة خلال السنة المنصرمة 2021 مقارنة بالسنة التي سبقتها 2020 بنسبة 14.71 في المائة، وهي نسبة عالية قياساً إلى السنوات الماضية، إذ لم تكن قد زادت في عام 2019 مقارنة بعام 2018 سوى 3 بالمائة. وبلغ إجمالي الجرائم والقضايا التي عالجتها مصالح الشرطة 296 ألف جريمة، تورّط فيها أكثر من 274 ألف شخص، وبلغ عدد الضحايا 201 ألف ضحية. وذكر التقرير أن عدد قضايا المخدرات التي تمت معالجتها العام الماضي، 2021، بلغت حدود 58 ألف قضية، أسفرت عن توقيف 69 ألف شخص من المتورطين في تهريب المخدرات والاتجار بها، بكل أنواعها، خاصة الأقراص المهلوسة التي فاق عددها 3.5 ملايين قرص تم حجزها من قبل مصالح الشرطة في مختلف العمليات في الولايات. وبشأن جرائم سرقة السيارات خلال العام المنصرم، كشف التقرير أن عدد المركبات المسروقة بلغ 1535 مركبة، تورط فيها 605 أشخاص، وتمكنت مصالح الشرطة من استرداد 836 مركبة من مجموع المركبات المسروقة، إضافة إلى استرجاع 229 مركبة كانت محل بحث ورصد من قبل الشرطة الدولية (إنتربول)، وتوقيف 40 شخصا كان مبحوثاً عنهم بناء على مذكرة توقيف دولية.
تناسق الجريمة مع الظروف الاجتماعية
قال مختصون، أن معدلات الجريمة تتناسق في الغالب مع مستوى الظروف الاجتماعية والمعيشية، وهو ما يفسر تنامي العنف والجريمة مؤخرا تزامنا مع تدهور الوضع المعيشي في الجزائر خلال السنتين الماضيتين ما خلق حالة من الإحباط الاجتماعي الذي يوفّر مناخاً لارتياد الجريمة من قبل الشباب، إضافة إلى ارتفاع مستويات التسرب المدرسي يلعب دورا آخر في ذلك، وهو ما شكل عبئاً مجتمعيا كبيراً.
ق.م