تنوعت إبداعات الدكتورة سامية غشّير أستاذة الأدب العربي بجامعة حسيبة بن بوعلي بالجزائر، بين مجالات الرواية والقصة، كما ساهمت بشكل كبير في إثراء المكتبة العربية بدراسات بحثية ونقدية مهمة.
وقالت غشير في حوار خصت به يومية “الجريدة” الكويتية: “للبيئة دور كبير في تشكيل شخصية المبدع الأديب، الذي يؤثر ويتأثر بها، ولا ينفصل عنها؛ فالكاتب شأنه شأن الفنان ينحت صور الحياة والواقع والمأساة”.
وعن محتوى مجموعتيها القصصيتين “حواس زهرة نائمة”، و”يكفي أن نحلم”، قالت:”فيهما ثورة وتمرد على واقع الحياة، المليء بالمتناقضات والمتضادات، فعالم اليوم يشهد الكثير من الاختلالات في المنظومة الاجتماعية، والأخلاقية، والسياسية، والفكرية التي شوّهت صورة الحياة، وجعلت الواقع أكثر سوداويّة وكابوسيّة، فنشهد في عالمنا الكثير من صور العنف والقتل والموت، وإحساس المثقف باللاجدوى، والقلق الوجودي، والضياع، وانعدام الأفق، فالكاتب من خلال كتاباته يحاول أن يعيد التّوازن والاستقرار، ورسم ملامح الجمال، والفرح، والسلام، والأمل في تضاريسنا العربية الأكثر ظلاما وسوادا. إنّ الكاتب الحقّ هو من يصور العالم على حقيقته دون تزييف، أو تشويه، أو تجميل، انطلاقاً من المقولات المتداولة التي تؤكّد أنّ “الأدب مرآة عاكسة للواقع والحياة”، وأنّ “الأديب ابن بيئته”، يتفاعل مع صور ومعطيات الواقع، ينقلها ويسجّلها، ويصوّرها بشفافية وعمق، مضفياً عليها روحه، وشعوره، ومتوسّلا شتّى الأدوات الفنية في معالجته للقضايا، فالمتضادات الأكثر بروزاً في الأعمال الإبداعية في عصرنا الحالي: الحياة والموت، البياض والسواد، الفرح والحزنّ”.
وتهتم غشير في كتاباتها بالفلسفة الوجودية التي أضحت ضرورة ملحّة في الكتابة الأدبية المعاصرة، فهي تطعّم النص، وتمنحه العمق، وتجعله أكثر واقعية؛ لارتباطها العميق بالوجود الإنساني، ومعالجة أبرز القضايا المتّصلة بالإنسان المعاصر، الدي يعيش عالما داخليا غير مستقر ومتوازن، فهي تبحث في عمق الإنسان، وتعالج همومه، ومواجعه، وقضاياه الأكثر راهنية وحساسية، وأبرزها العنف، الموت، المثقف، العدم، الوجود، تقرير المصير مثلما أضافت.
وتابعت موضحة:”أنا من خلال كتاباتي حاولت الاقتراب من نفسية وفكر الإنسان المعاصر، والهموم الكثيرة التي تشغله، وتثير فكره، وترهق نفسيته، وتطرّقت إليها في كتاباتي، وتقاسمت الهموم الجماعية والذاتية مع أبطال القصص والروايات، فالكتابة اليوم أضحت من وسائل المقاومة المهمّة والمطلوبة جداً، فالكتابة في نظري نضال، وقضية، وكفاح بحثاً عن إعادة الحياة، والكرامة، والفرح لإنسان اليوم الذي همّش، وغيّب، وظلم كثيراً في عالم يسوده العنف واللاعدل والسّواد.
وفسرت الأديبة الجزائرية الشابة طغيان في قصصها بالقول:”الموت أضحى تيمة رئيسية في الكتابة الأدبية المعاصرة؛ لانتشاره بصورة طاغية وكبيرة بأشكاله المختلفة الموت العادي، الموت المعنوي، الموت الرمزي، موت يختزل كابوسية الحياة، في تمظهراتها المختلفة موت الضمائر، موت الضحكات، موت الفرح، موت الحبّ، موت الجمال، موت الإنسانية، فالحياة مليئة بصور الموت، وعلاماته، وإشاراته، فيجب على المبدع أن يكون صادقا موضوعيا في التّعبير عن الموضوعات الأكثر التصاقا بالحياة، وأبرزها الموت”.
وتحدثت غشير عن مشروعها في مجال الرواية قائلة:”روايتي لارين سيمفونية الحبّ والموت لم تنشر بعد، تناولت موضوعا مهمّا جدا وهو التعايش الحضاري بين الأنا العربي والآخر الغربي، وسعت إلى معالجة صور الصّراع والتّصادم من جهة، وصور التّعايش والتّحاور من جهة أخرى، وقد سعت إلى التّخفيف من حدّة الصّراع، ورسم التّعايش عن طريق ثقافتي الحب والموسيقى، وما تضفيانه من سحر وجمال وإحساس، وإنسانيّة وحياة”.
ب/ص