إن دعوة المظلوم دعوة مستجابة مسموعة لا تُرد؛ لأنها صدرت من لسان الاضطرار، ولسان التفويض الكامل من العبد الفقير الضعيف العاجز إلى المعبود الغني القوي القادر، قال تعالى: ” أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ” النمل: 62. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” وإياك ودعوة المظلوم فإنها تستجاب” رواه الطبراني، وقال عليه الصلاة والسلام: “ثلاث لا ترد دعوتهم:الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم” رواه أحمد. إن دعوة المظلوم مستجابة ولو كانت من فاجر أو من كافر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه – حينما بعثه إلى أهل اليمن – وكان أهل اليمن آنذاك أهل كتاب ” اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب” متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: “اتقوا دعوة المظلوم – وإن كان كافرا -؛ فإنه ليس دونها حجاب” رواه أحمد. إن الظلم جريمة عظيمة، لا تقع في مجال واحد أو في جهة معينة، بل يقع مع جهات متعددة، ومجالات كثيرة، فالظلم يقع بين الأقربين، كما يقع بين الأبعدين، فيقع من الأولاد لوالديهم، ويقع بين الزوجين، ويقع بين الأقارب، وبين الجيران، وبين الأصدقاء، وبين الراعي والرعية.
ونصيحة لكل غاشم، ارفع يد الظلم، واكفف عن الإيذاء لخلق الله، قبل أن تدركك دعوات المظلومين، وتحيط بك عقوبة رب العالمين، وقبل أن تغادر الدنيا حاملاً مظالم الناس على ظهرك لتقف بين يدي الحكم العدل. فسارع إلى التوبة إلى الله، ورد المظالم إلى أهلها قبل أن يفاجئك الموت فتقضي المظلومين من حسناتك، وتحمل من سيئاتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يجيء الرجل يوم القيامة من الحسنات ما يظن أن ينجو بها، فلا يزال يقوم رجل قد ظلمه مظلمة فيؤخذ من حسناته فيعطى المظلوم، حتى لا تبقى له حسنة، ثم يجيء من قد ظلمه، ولم يبق من حسناته شيء، فيؤخذ من سيئات المظلوم فتوضع على سيئاته” رواه الطبراني. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ” رواه البخاري.
الدكتور مسلم اليوسف