تشيع في المجتمعات العربية والعالَمية على السواء ظاهرةُ التدخين بأنواعها، وهي آفةٌ من أخطر الآفات التي أصابت الجنسَ البشري طَوالَ تاريخه، ومِن أقدم الآفات التي صاحبَتْه طوال تاريخه أيضًا، مع ما تجرُّه عليهم هذه العادة التي تحوَّلت إدمانًا قاتلًا مِن أضرار!. فقد ثبت علميًّا – ومن خلال الدراسات الكثيرة المذيَّلة بالإحصائيات – أن نصف مَن يُدخِّنون يموتون بسبب تعاطيهم للدخان؛ وذلك حيث يدخنون في صمتٍ ويموتون في صمت، ويتسبَّبون بتدخينهم هذا في قتل مليون مواطن لا يُدخِّن ولا يتعاطى الدخان من قريبٍ أو بعيد. فلا تتوقف جيوب المدخِّنين عن دفع قيمة مشترياتهم من التبغ والتدخين بأنواعه، وليس من جيوبهم فقط، بل من صحتهم وصحة أُسَرهم، وقُوتِهم وقوت أولادهم، ومن حصة أولادهم في المستقبل، الذي يجب أن يعيشوه بصحة تامة، ونوعية تعليم جيد، ومستوى مستور من العيش الكريم، ولا يدفع المدخن من اقتصاد أسرته، بل من أسرة وطنه! إنه يساهم في تخريب صحته كمواطن، وصحة وطنه الذي يجب أن تكون بيئته نظيفة، يحيا فيها مواطن لا يشكو العلة ولا المرض، صحيحًا معافى من البلاء الذي يجره إلى نفسه وبيته ووطنه!
أسرفوا على أنفسهم في جلب المحرَّمات وتعاطيها، وأسرفوا على أنفسهم في قلب الحقائق، حين ظنوا أنهم غير محاسَبين على المال، من أين اكتسَبوه وفيمَ أنفَقوه؟ وهذا مصداق لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مُعلِّم البشرية الخير، الذي تنكَّبوا عن طريقه، وخالفوا أوامره صلى الله عليه وسلم، وأولى لهم – وهم يدَّعونَ محبته – أن يُطهِّروا ألسنتهم عند ذكر اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم، وليتذكَّر المُدخِّن المُسرِف على نفسِه هذا الحديثَ الشريف؛ عسى أن يُفِيقَ من غَفلته، ويُقلع عن التدخين كله بأنواعه. عن نَضْلَةَ بن عُبيد الأَسْلمي، قال رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تزول قدَمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن عُمره فيمَ أفناه؟ وعن عِلمه فيمَ فعَل فيه؟ وعن ماله من أين اكتَسبه، وفيمَ أنفَقه؟ وعن جسمه فيمَ أبلاه؟” أخرَجه الترمذي. فشُرب الدخان حرامٌ، وزَرْعه حرام، والاتِّجار به حرام؛ لِما فيه من الضرر العظيم، ولأنه من الخبائث، وقد قال الله تعالى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: ” وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ” الأعراف: 157.